سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الجزيرة» تكشف الحلقة المفقودة التي أغفلها المسلمون حجم أوقاف الجامعات الأمريكية يتعدى 294 مليار دولار والدول الإسلامية لا تعرف حجم أوقافها بشكل رسمي !
كانت الأوقاف منذ قرون مضت تمثل أحد الأركان الاقتصادية للدول التي حكمت العالم الإسلامي وذلك عبر تغطيتها نسبة ليست بالسهلة من ميزانية الدولة. أما في الوقت الحالي فإن المراقبين يتسألون عن ما إذا كانت الأوقاف الحالية تلعب دورا رئيسيا في التنمية الاقتصادية للدول الإسلامية. وهنا يقول محمد الخنيفر خبير مالية إسلامية لمجموعة «ادكوم آكادمي» المصرفية في الولاياتالمتحدةالأمريكية: «ساهمت الكفاءات المحدودة القائمة وراء الأوقاف فضلا عن ضعف مواكبة الدعم المؤسسي على تراجع صناعة الأوقاف في البلدان الإسلامية. وبدا واضحا أن انعدام اندماج الصناعة المصرفية في إدارة الأوقاف الإسلامية قد لعب دورا كبيرا في ذلك التراجع. حيث تم تهميش تلك الأبحاث التي تعد بالأصابع والتي كانت تقدم نماذج مقترحة حول كيفية دمج الأوقاف مع صناعة الصيرفة الإسلامية أو التكافل أو حتى استعمالها بشكل متزايد مع أدوات الدين الإسلامية.» ويواصل:» حتى إدارة الأوقاف واستثماراتها لا تزال متركزة في قطاع واحد وهو العقار بالرغم من تقدم صناعة الصيرفة العالمية وتقديمها شرائح استثمارية متنوعة تساهم في تنويع المخاطر في قطاعات متعددة بدلا من تركزها في قطاع واحد. فعدم الاحترافية وضعف المهنية لعبتا دورا أساسيا في تأخير دمج صناعة الأوقاف مع القطاع المصرفي والشركات المتخصصة في إدارة الثروات.» ويتابع:» فبعد أن كانت الأوقاف نجمة مضيئة في التاريخ الإسلامي, أصبحت الآن مهملة وتحتاج الى إعادة تأهيل. فالأوقاف في البلدان الغربية قطعت شوطا كبيرا في التقدم والريادة.» يذكر أن حجم أوقاف جامعة هارفارد قد بلغ نحو 31 مليار دولار في السنة الماضية، في حين بلغ حجم أوقاف جامعة «يال» الأمريكية 19 مليار دولار. يعلق الخنيفر على ذلك بقوله:» العبرة هنا بالعقلية المصرفية المحترفة القائمة على هذه الأوقاف. لاحظ أن متوسط العائد على الاستثمار لأكبر خمسة أوقاف جامعية يتراوح ما بين 5 إلى 6 %. في حين أن العائد على الأوقاف الإسلامية منخفض جدا. الأمر الذي ينعكس سلبيا على الأمة الإسلامية ومحدودية استفادتها من عوائد الأوقاف». معلوم أن الأوقاف الجامعية تقدم ما نسبته 10-30 % من الميزانية السنوية لتلك الجامعات الأمريكية فضلا عن تقديم منحا دراسية لأكثر من 30-50% من الطلاب الموهوبين. ولا توجد تقديرات دقيقة لإجمالي ثروات الأوقاف الإسلامية في المنطقة. وقدر أحمد النجار عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة المصري الثروة الوقفية في مصر وحدها بحوالي نصف تريليون جنيه (82.4 مليار دولار). وقال النجار لرويترز في وقت سابق من العام إنها تحقق إيرادات هزيلة بسبب بدائية أساليب الاستثمار. ويتفق الأمريكي ساندويك مع ما ذهب إليه الخنيفر حول انخفاض العائد الاستثماري على هذه الأوقاف بسبب مستوى الإدارة المسئولة عن الاستثمار, حيث يقول:» إن العالم يتغير ومع هذا فمعظم هذه الأوقاف تلجأ للاستثمار بنفس القطاع التي كانت تستثمر بها منذ مئات السنين.» وتعيش الأوقاف في الغرب حالة من التطور والنمو المستمر، الأمر الذي انعكس إيجابا على مساهمته بشكل كبير في دفع الحياة العملية والاقتصادية والبحثية نحو التقدم، حيث تشير بعض الدراسات التي حصلت عليها «الجزيرة» أن حجم الوقف الخاص بالجامعات الأمريكية فقط قد تجاوز 294 مليار دولار، في حين أن كل دولة مسلمة لا تعرف حجم أوقافها بشكل رسمي. وإن ظهر شيء في الإعلام فإنه يكون مرتكزا على استنتاجات واجتهادات. في حين بلغت قيمة 28 وقف أقامه أثرى أثرياء العالم إلى 279 مليار دولار. فهذه النسبة الضئيلة من الأوقاف من الغرب التي تم إحصاؤها على عجل تعني أننا نتحدث عن ما قيمته أكثر من نصف تريليون دولار (573 مليار دولار). وهنا يقول جون ساندويك مدير شركة صفا في تصريح له مع وكالة رويترز:» ليس من السهولة تجاهل تلك السوق الضخمة (يقصد الأوقاف). وبعد أن كانت استخدامات الأوقاف في ذروة الحضارة الإسلامية متنوعة على عدة قطاعات, أصبحت الآن مقتصرة على تمويل المدارس والمستشفيات. إلا أن المعضلة الكبرى هنا تتمحور حول الإدارة الضعيفة لهذه الأوقاف بحيث أن الصندوق الاستثماري للوقف يحقق عوائد ضعيفة للغاية. جهود فردية وبسبب هذا الفراغ في ساحة المال الإسلامية, ظهرت بعض الجهود من بعض العرب والغربيين وذلك من أجل توعية كبار اللاعبين في صناعة الأوقاف الإسلامية. فقد دخلت شركة «صفا لخدمات الاستثمار» وشركة تابعة لها في سويسرا في شراكة مع شركة «وافي الدولية» بالسعودية وبنك « لندن والشرق الأوسط» في بريطانيا وذلك بغرض تقديم دراسة فنية هي الأولى من نوعها في العالم, حول عوائد الاستثمار في الأوقاف الإسلامية بالسعودية. ودور الأوقاف في التنمية الاقتصادية ليس مفهوماً جيداً. ويعتقد في الغالب أنهم يمتلكون أصولا عقارية محلية، مع القليل من الأصول الأخرى. ومن شأن هذه المبادرة التي قامت بها تلك الشركات المتعددة الجنسيات أن تساهم في معالجة هذه الفجوة في المعلومات. ومن المتوقع أن نتائج تلك الدراسة في وسائل الإعلام الاقتصادية العالمية في وقت ما في مارس 2013. وشركة «وافي الدولية» هي أول شركة متخصصة في تطوير المؤسسات الخيرية وبرامج التوعية الاجتماعية في جميع أنحاء منطقة الخليج. حيث يتمحور نشاط الشركة على تحسين إدارة المشاريع الاجتماعية التي تقوم بها المؤسسات الخيرية والاجتماعية، خاصةً الأوقاف. الوقف عبر العصور يقول الباحث التركي نعمان أوغلو :»إذا ما تأملنا في مفهوم الوَقْفِ لدى الدولة العثمانية، نجد أنه مزيج من الشرقي الممتد من حضارة الأيغور إلى السلاجقة، والغربي الممتد من الإمبراطورية الرومانية إلى الإمبراطورية البيزنطية. فقد ورثت الدولة» العثمانية هذا الميراث الممتزج الديناميكي، وطورته وصبغته بقيمها وثقافتها الدينية. يقول محمد م. الأرناؤوط وهو باحث أكاديمي :»تحتل الدولة العثمانية مكانة خاصة في تاريخ الوقف عند المسلمين، حيث عرف الوقف فيها تطوراً كمياً ونوعياً كبيراً بالمقارنة مع الدول الإسلامية السابقة. فقد ارتبطت الدولة العثمانية منذ بدايتها بالوقف، وتوسعت في نشر الأوقاف من خلال السلاطين وزوجاتهم والوزراء وغيرهم، حيث توسعت حدودها في القارات الثلاث. وتميزت الأوقاف العثمانية بتطور نوع جديد من الوقف (وقف النقود)، ونوع جديد من المنشآت التي تقدم الوجبات المجانية للمحتاجين. وكان أول وقف في الإسلام هو مسجد قباء الذي أسسه النبي صلى الله عليه وسلم حين قدومه إلى المدينة مهاجراً. ونظام «الوقف» هو الصيغة التاريخية التي ابتكرها المسلمون للتقرب إلى الله من خلال المشاركة في بناء مجتمعاتهم وإعمار الأرض، وقد اقتبسها الغربيون ونقلوها عن الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر.