أكَّد مختصون في قطاع المقاولات ل»الجزيرة» بأن القطاع يواجه الكثير من التحديات، تتمثل في مشكلات التمويل والتصنيف، بالإضافة إلى الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها مواد البناء وارتفاعات أسعار الحديد والأسمنت، ودعوا إلى ضرورة دعم قطاع المقاولات، وإنشاء هيئة عليا للمقاولين، وتطبيق عقد «فيدك» حتى يتم القضاء على العديد من المشكلات التي تواجه قطاع المقاولات في المملكة. وقال الدكتور عبدالله المغلوث عضو اللجنة السعودية للاقتصاد وعضو اللجنة العقارية بغرفة الرياض: عندما نريد أن نشخص معوقات المقاولين لابد أن نقسمها إلى قسمين, قسم رسمي (بيروقراطي) وقسم آخر ذات علاقة بالمواد والمنتوجات، فعندما ننظر إلى المواضيع البيروقراطية نجد عدم وجود آلية تخدم المقاولين وعدم وجود مرجعية خاصة بهم تنظمهم وتحل مشكلاتهم كهيئة للمقاولين أسوة بالدول الأخرى التي لديها هيئات واتحادات وجمعيات. لا شك أن مثل هذه الهيئات تلعب دوراً كبيراً في تأهيل المقاول، وتدريب الكوادر، وإعادة هيكلة المؤسسات، والإشراف عليها بما يتناسب مع حجم وقوة المشاريع والمؤسسات بالإضافة إلى شح التمويل، حيث إن البنوك تحجم عن تمويل المقاولين إلا بصدوقات وبمبالغ بسيطة تكفي لشراء معدات أو دفع رواتب حتى ما يأتي المستخلص من الدولة. وهذه معضلة كبيرة يجب مناقشتها مع وزارة المالية ومؤسسة النقد. فمن الضروري إنشاء صندوق تمويل يخدم المقاولين لضمان المستخلصات مثل ما هو معمول به في الدول الأخرى. وتابع: من المعوقات كذلك عدم وجود أيدٍ عاملة مدربة ومؤهلة، وعجز في الحصول على تأشيرات كافية من وزارة العمل، وشح الأسمنت في السوق المحلي، بالإضافة إلى الارتفاع المفاجئ لجميع مواد البناء وعدم تطبيق نظام فيدك (العقد الموحد للإنشاءات)، حيث إن هذا العقد يحمي حقوق جميع الأطراف المقاول والجهة الرسمية الموقعة للعقد، وعدم وجود تسهيل في إجراءات الحصول على تصنيف للمقاولين، حيث إن هناك بيروقراطية تأخذ وقتاً طويلاً للحصول على تعديل التصنيف. وهناك معوقات كثيرة تجعل هناك تعثراً في المشاريع، من أسبابها كذلك عدم إعطائها الخرائط ومواصفات المشروع بشكل جاهز. وأشار المغلوث إلى أن فتح السوق المحلي أمام المقاول الأجنبي أصاب الاقتصاد بالضرر بشكل عام عام، وبالأخص المقاول السعودي، مبيناً بأنه عندما نعطي فرصة للمقاول الأجنبي بشكل كبير نثبت بأن المقاولين لدينا ليست لديهم القدرة على تنفيذ مشاريع الدولة، ومن الممكن الاستعانة بالأجانب من خلال شراكة، فهذا يجوز، ولكن استحواذهم على مشاريع كبيرة يضر بالاقتصاد السعودي، والمواطن السعودي يطمع أن يكون هو صاحب نصيب الأسد في مشاريع الدولة لأنه مواطن من هذا البلد. وأضاف: المقاول السعودي يدخل في منافسة غير عادلة لصالح نظيره الأجنبي؛ فالمقاول الأجنبي عندما يأتي الى المملكة يجد ضمانات بنكية، وتسهيلات في التأشيرات، وذلك عكس الشركات السعودية التي تجد صعوبة في ذلك. وعن نسبة السعودة في قطاع المقاولات قال المغلوث: كان النظام الذي يطالبون به 10% ولكن خفضت إلى 8% لأنه ليس من الممكن أن يعمل في قطاع المقاولات من ليس لديه مهنية، وبالتالي هذا يعد معوقاً كبيراً، فوزارة العمل مطالبة بالسعودة ولكن السعودي لن يقبل على هذه المهن وبالتالي هناك مشكلات بين المقاول ووزارة العمل. ودعا المغلوث الى ضرورة تذليل كافة المعوقات والعراقيل التي تحدّ من تطور ونشاط المقاول السعودي وقطاع المقاولات بشكل عام واعتماد هيئة للمقاولين تتبنى سرد وجرد جميع المعوقات وحلها مع الجهات الرسمية حتى تكون هذه الهيئة مرجعاً للمقاولين بدلاً من توزيع المسئولية على بعض الجهات الرسمية وضياعها. وقدر المغلوث حجم قطاع المقاولات في السعودية ب «370» مليار ريال، وتوقع أن يشهد القطاع قفزات على الرغم من التحديات التي تواجهه، وقال: سيشهد قطاع المقاولات قفزات في حجمها وسيشهد نمواً كبيراً لم يحدث له مثيل، حيث إن هناك عقوداً مع وزارة الصحة وقطاع التربية والتعليم ووزارة البلديات ووزارة النقل، كل هذه الوزارات أصبحت توقع عقوداً مع المقاولين بالمليارات في بناء الطرق والسدود والجامعات والبنية التحتية. ويرى المستثمر في قطاع المقاولات عبدالعزيز القحطاني بأن الارتفاع المفاجئ في أسعار مواد البناء والتشييد بمختلف أنواعها والشح في المواد وعدم توفرها من أهم التحديات التي تواجه قطاع المقاولين ويضر كذلك بأرباح المقاول بل يجعله يخسر عندما ترتفع الأسعار فجأة ويسبب خسائر مالية للشركات التي تنفذ مشروعات تم توقيع عقودها قبل ارتفاع الأسعار وما زالت قيد التنفيذ. وتابع القحطاني: قطاع المقاولات من القطاعات الحيوية والاستراتيجية في جميع الدول لمساهمته في تطور البنية الأساسية لهذه البلاد وله تأثير قوي على الاقتصاد الوطني، ولابد من ضبط السوق بشكل جدي، فعدم وجود مرجعية للمقاولين خلق نوعاً من الفجوة في عمليات التخاطب مع لجان المقاولين في تشخصيص المشكلات ومن ثم معالجتها. ولابد من إنشاء هيئة عليا للمقاولين تضبط السوق ويكون مرجعاً أساسياً للمقاولين بالإضافة إلى تطبيق عقد (فيدك) الذي سيساهم -في اعتقادي- إلى خفض مشكلات قطاع المقاولات في المملكة إلى أكثر من 30%.