قال الله تعالى وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) سورة آل عمران. وقال تعالى وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) سورة فصلت. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس «إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم، والأناة» رواه مسلم. «إن فيك خصلتين» أي فيك أمران كريمان هما «الحلم» يعني العقل والتثبت في الأمور، و»الأناة» يعني عدم التعجل، وكلا الخصلتان محبوبتان عند الله. وبما أن (الحلم سيد الأخلاق) فيجب أن نُبقي على (مكانته وسيادته الأخلاقية) في تعاطينا مع الآخر في الساحة الشعبية ويجب ألاّ نندفع خلف كل استفزاز أُريد له أن يوجَّه تجاهنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) لأن الكياسة والفطنة وقبلهما الأناة كل منها كفيل بتحليل الأسباب والنتائج المُبتغى تحقيقها منها وهو ما يمكن تحويله بالرفق إلى عكس ما هدف منه مسببه -هداه الله- يقول الشاعر «ابن المعتز»: أُصَافي بني الشَّحناءِ ما جَمْجَمُوا بِها لِبُقيا فإِنْ أَغْرَوْا بِي الشَّر أَغْريْتُ أَلا رُبَّ دسَّاسٍ لي الكيْد حَامِلٍ ضَبَابَ حَقُودٍ قَدْ عَرِفْتُ وَدَاوَيتُ فَعَادَ صَدِيقاً بَعْدَمَا كَانَ شَانِئاً بَعِيدَ الرِّضا عَنِّي فَصَافَى وصَافيتُ ويقول الشاعر «أبو تمام» في الشأن نفسه: مَنْ لِي بِإنْسانٍ إذَا أغْضَبْته وَجَهلْتُ كانَ الحِلمُ رَدَّ جَوابِه ولأن خلق العذر للمسيء من شيم (النفوس الرفيعة والخلق القويم) فإنه من أعظم الهدايا المسداة لمن أخطأ بحقك، يقول الأمير الشاعر خالد الفيصل: أتلمّس للخوي عذر وسبب لى لحقني من بعض ربعي قصور أيضاً فإن هناك خواطر لها قيمتها ربما يكون لها صلة قربى بالمتجاوز المسيء يشفع له تقديرك لهم بكظم غيظك والتحفظ مجاملة لخواطرهم مهما كانت تفاهته، يقول الشاعر مرشد البذال رحمه الله: لا يستهيضك جاهلٍ في جمله مغرور من زود الغرور طفيق خلّه على دربه ويبلش بأكبر يصفّقه فعل العيا تصفيق وليا بليت بعايلٍ من عايله أحسب حساب الأب والشقيق مثل ما يقولون العوارف قبلنا توقر فريقٍ من وقار فريق والناس مثل الما غدير ومالح عندك خبر بالحلو والخريق لو كان هن في وسط روضٍ واحد الله جعل من بينهن تفريق وليا اختصرت الشرح من هالمعنى الما ليا منه نثر (ما حيق) كما أن الاندفاع لنصرة الصديق أو القريب مشروع وتحتمها العادات والسلوم والقيم باختلاف الزمان والمكان كانت موجودة وبشكل راق لكن كل ذلك محكوم برجولة موقف ومنطق وأصالة لا تمتد للإساءة للآخرين ولا تشوبها أي دخائل سيئة بالنفوس، يقول الشاعر المعروف فراج بن جلبان: الخشم لا من لطم يبكنّْ الأعيان ومن وخذ قرش أخوه يوخذ رياله ولكن كل النماذج الراقية من الشعر لكبار الشعراء التي أشرت إليها تمثل في مجملها -مفارقة- عجيبة إذا ما قورنت بنماذج مؤسفة فيها من الشخصنة والإساءة والتجاوز ما لا يليق في أسلوب التخاطب لكثير من الشعراء في وسائل التواصل الاجتماعي؛ وتحديداً (تويتر) بلغة مؤسفة تفتقر غالباً للحلم والأناة والرفق بل والتأدب في مواقف لا تليق بالشعر الشعبي وتاريخ توثيقه المعاصر في بعض وسائل التواصل الاجتماعي، (وبضدها تتميز الأشياء). محمد بن علي الطريف