ظاهرة صحية بالتأكيد أن يتصدى من الناس أكثرهم لأي خلل يلحق بمنشأة، أو بمنجز بذلت له مليارات من ميزانية الدولة.. وهو لا يزال في مرحلة تشغيله الأولى.. فالتصدي دوافعه واضحة، تبدأ بالرغبة في متانة التأسيس، والحرص على الجهود بكل خصائصها، وباذليها، والتوقع لأن يحقَّق من المنجزات، والمشروعات استمرارية تراكيمية، يمكنها أن توفر بنية لحياة المدن في سيرورة منتظمة، وخدمات جيدة، وإمكانات من شأنها توفير الكثير للمواطن، والمقيم يسرا في الحياة، وسهولة في الخدمة، تحديدا في الطرق، والمواصلات، والاتصالات، والصحة، والغذاء، والدواء، والماء، والسكن ... و... و... إلخ. وفي مواسم العبادات، تيسير الحج، وتمكين ضيوف الرحمن من أداء شعائرهم في غير اضطراب، ولا تزاحم، دون اكتظاظ، واختناق.. لذا، جاءت أساليب تناول حدث التأخير لقطار المشاعر حاداً، وصارخاً في مواقع التواصل.. غير أن الظاهرة غير الصحية هي تلك المبالغات التي تزفرها عبارات من لم يشهد أي موقف، ويصرخ مع الصارخين.. ليس في هذا الحدث، بل في كل حدث.. كما ترون وتقرأون فيما تتابعون.. فالخلل، والقصور موضعاً نقد ومساءلة أمر لا يختلف عليه اثنان... ومن حق أي متعامل، متفاعل مع المنجز الوطني أن يدلي في شأن يمت لمواطنته بصلة، وأن يشارك برأيه ما ومتى شاء.. ومن يقل غير هذا يحرم الفرد حق التعبير عن رأيه، وهو حق مشاع في مجتمع البشر ذوي الحس، والحق، والواجب.. لكن الاختلاف هنا حول أساليب النقد، والتصدي، وعرض الرأي، والتدخل في المواضيع.. التي كشفت الكثير عن خبايا سلوك الأفراد بما فيه السلوك الفكري..! ما ألمح إليه هنا، هو أسلوب التعبير عن الرأي، إذ وأنا أتابع الكثير مما يكتب، أعجب شخصياً مما أقرأ..، وأتساءل كيف يحيد العقلاء عن المنطق..؟، وكيف يبتذل كلمته الخلوق..؟، وكيف أصبح بيننا الرادحون، أكثر من الناصحين..؟ والناقمون أكثر من المنطقيين، والمتسطحون أوسع كثافة من المتعمقين..؟ والجدليون كالغثاء..؟. أعود فأكرر ما أعنيه دوما، أنني أتمنى على الجميع أن يحرص على فضائل الأخلاق وإن كان على علم، وإن كان في التعبير عن وجهة نظر، أوفي المطالبة بحق، أو في نقد مالا يراد، أوفي ذم من يقصر، أو يتجاوز،.. فالأخطاء كبرت، وإن صغرت، يمكن مواجهتها بذوق، وخلق، وأسلوب راق لا إسفاف فيه.. هذا هو سبيل المؤمن، ونهج رسول كريم، لو كان فظا غليظ القلب، لانفضوا من حوله، وهذا في شأن الدعوة للدين، وهي أشد أنواع المسؤولية، تتصاغر عندها بقية الشؤون الدنيوية.. أفلا يتخلق الناس بخلقه العظيم صلى الله عليه وسلم..؟.. فيعبرون عن رأيهم بمنطق، وجدية، وحيادية.. وحجة..؟ متجنبين بحرص أن يكون الواحد فيهم الطاعن في «البقرة» بمجرد سقوطها..؟!! يقول كما يقولون، ويشهد بما لم ير..؟! يتعلق الأمر بكل أمر، ولا يقف هذا المقال عند موضع دون آخر، مما شد الناس أزمة خيولهم في مضاميره، وتسابقوا..!. عنوان المراسلة: الرياض 11683 **** ص.ب 93855