فاصلة: (من يجهل أن فراشه قاس ينام نوماً عميقاً مريحاً) حكمة عالمية لم أشاهد في حياتي خروفاً على الطبيعة يُذبح، ولا شاهدت منظر الدم. وأحمد الله على ذلك حيث إنني أعرف الكثير ممن ما زال عالقاً بذاكرتهم صورة مشهد الذبح حتى بعد أن كبروا، لأن مشاهد مرحلة الطفولة لا تُنسى بسهولة. لست مقتنعة بأن على الأطفال أن يحضروا مشهد الأضحية ليفهموا الشعيرة المقدسة، إلا إذا كان لدى الوالدين الوعي الكافي بعوامل عدة، منها عمر الطفل، فقد كان إسماعيل عليه السلام في سن العاشرة، وأيضاً يجب أن يكون هناك تهيئة سابقة من الوالدين وشرح الهدف من الأضحية وقصة مشروعيتها وأنها تقرب إلى الله سبحانه وتعالى وفداء للإنسان. ولأن الطفل عادة يتعلق بالحيوانات -ما لم نعلّمه الخوف منها - فالطفل قد يقضي أياماً يلاعب الخروف ويطعمه، فلا يتقبل إدراكه بعد ذلك ذبحه فجأة دون تمهيد من الوالدين للهدف من ذبحه. أعتقد أن مشكلة بعض الناس تكمن في محاولة تطبيق الشريعة دون إدراك أو فهم لنشوء الشريعة نفسها والخلفية التي أتت منها. ومن هنا يعتقد بعض الناس أنه حين يشهد أطفاله على ذبح الخروف فهو إنما يفعل ما فعله نبي الله إبراهيم مع ابنه إسماعيل. وهناك من الأسر من تحرص على أن يحضر الطفل تفاصيل الذبح ليتعلم كيفية الذبح حتى يمارسها بنفسه حينما يكبر، ولا أرى في هذا السلوك إلا عنفاً يعيشه الطفل خاصة وإن كان أصغر من العشر السنوات، بالإضافة إلى أن طبيعة تكوين شخصية الأطفال تختلف من طفل لآخر من حيث الخوف من المناظر المرعبة مثلاً. لذلك فذبح خروف العيد أمام الطفل يمكن أن يكون حدثاً عابراً، ويمكن أن يترك أثراً نفسياً سيئاً لا ينساه الطفل، يعتمد ذلك على وعي الوالدين، وهذا ما لا أضمنه دائماً. [email protected]