علمته قواعد اللعبة، أن يرد على الرسائل بما ينميها مجاراة لا استنهاضا، فقد اكتشف من خلال الخبرة المتواصلة في مهنة الطب على تقطيع الجسد إلى أرقام وإشارات، وأن لكل رقم أو إشارة ما يناسبها من العلاج المناسب على سبيل الحكمة النفسية لا العضوية! هذا ما درسه نظريا يوم كان طالبا في معهد الطب، يتذكر كلام المعيد المخبول بأجواء الطقوس الصوفية، حين قال: بإمكان طالب الدبلوم أن يختصر البكلوريوس بسنتين فقط إذا ما رافق ذلك الدراية والفراسة في معرفة سلوك البشر، سأله وقد راقت له الفكرة لوجود ما يدعمها في كينونته الراغبة في التخطي والاختصار: ما أقرب السبل إلى ذلك أستاذي الدكتور؟ أجابه المعيد: كُن ودودا ونافذا لدرجة التماهي في الشخص المريض، اقنعه بتشخيصك النفسي قبل العضوي، فما الداء سوى نفس شريرة وما الدواء سوى استئصالها بالإيحاء. منذ ذلك اليوم تحول ركنه المهمل في طقوس زرق الأبر والتداوي بالضماد والمعقمات، إلى عيادة متكاملة تُجرى فيها العمليات بمختلف أنواعها، وإلى مقهى ومجلس عشائري في حالات الازدحام الشديد، وكذلك انتشرت كتبه التي عالج فيها مختلف الأمراض عن طريق الأعشاب ، خاصة كتابه (طبيبك في كلمات، أنت تسأل والمُعافي يجيب)، الذي تحول إلى وسيلة إعلامية ذائعة الصيت في المحطات الفضائية... وإلى يومنا هذا، فهو يعالج الناس حسب أوهامهم، لا حسب أورامهم ... حسب أقنعتهم، لا... قناعاتهم.