في تناغم رائع وأداء سلس أكمل ضيوف الرحمن وصولهم إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية، يوم الثامن من ذي الحجة، وبدؤوا منذ فَجْر اليوم بالتوجُّه إلى مشعر عرفات؛ للوقوف على جبل الرحمة وأداء أهم مفصل من مفاصل الحج؛ فالوقوف بعرفات هو الحج؛ فالذي لا يسعه الوصول إلى صعيد عرفات في هذا اليوم يكون قد حُرم من أداء فريضة الحج؛ فالحج عرفة، أي الوقوف بصعيد عرفة، وعبادة الله فيه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم. والحمد لله حظي ضيوف الرحمن، حجاج بيت الله الحرام، برعاية متكاملة من الأجهزة المسؤولة كافة، الأمنية والطبية والغذائية، ووُفِّرت لهم التسهيلات والاحتياجات كافة؛ حيث حشدت المملكة العربية السعودية إمكاناتها كافة، الأمنية والبشرية والمادية، لتصعيد ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام، الذين قارب عددهم أربعة ملايين حاج، إلى مشعر منى، ومنه إلى مشعر عرفات؛ حيث يقضون اليوم التاسع من ذي الحجة في التلبية والعبادة في المكان الطاهر الذي وقف فيه رسول الرحمة والهداية محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. وقد ساعد اكتمال التجهيزات والانتهاء من إنجاز المشاريع الضخمة التي أنجزت هذا العام في التسهيل كثيراً على ضيوف الرحمن؛ حيث قضى الحجاج في منى يوم التروية وما سبقه من أيام في راحة وسكينة مع توافر الخدمات كافة، من صحية وغذائية وأمنية، وسط مراقبة ومتابعة من جميع الأجهزة المسؤولة. وقد بدأ منذ فَجْر اليوم تصعيد ضيوف الرحمن إلى مشعر عرفات من خلال خطة مُحْكمة، يشارك في تنفيذها جميع الأجهزة المسؤولة عن الحج، من أجهزة أمنية وصحية، مع توفير جميع الخدمات المتميزة من غذاء وماء.. وقد تم تصعيد الحجاج إلى مشعر عرفات من خلال خطة سير منظمة، تم من خلالها منع الاتجاه المعاكس في الحركة، وسط مراقبة دقيقة من الأجهزة الأمنية والمرورية، فيما استمرت فرق الدفاع المدني في نشر آلياتها وأفرادها في المناطق الأكثر خطورة تحسباً لأي طارئ، كما وُزِّعت المراكز الصحية التي تضم عشرات الأطباء والممرضين والفنيين والإداريين على المشاعر المقدسة، خاصة في منى وعرفات ومزدلفة، فيما استعد رجال الهلال الأحمر بالعديد من فِرقه المدربة والمزوَّدة بأحدث الآليات والأجهزة الطبية؛ إذ تشارك طائرات الإخلاء الطبي هذا العام في تنفيذ العمليات الطارئة بعد أن اكتسبت في العام الماضي تجربة مفيدة. ومن أهم الخدمات المقدَّمة وسائل النقل الحديثة بزيادة إسهام قطار المشاعر المقدسة، الذي سينقل قرابة ربع الحجاج هذا العام، كما تم تطوير حركة الحافلات وفق أسلوب ناجح للرحلات الترددية؛ وهو ما سهل تنقل ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الحرام بين المشاعر في صعودهم ونفرتهم بسهولة ويُسر دون عناء. وقد لاحظ متابعو عمل الأجهزة المختلفة في موسم الحج هذا العام تطوراً ملحوظاً في تحسين الخدمات؛ ما شكَّل تفوقاً على ما تم إنجازه في العام الماضي. إدارة الحشود التي أتقنتها الأجهزة السعودية المكلفة بإدارة أعمال الحج تسجِّل كل عام تفوقاً على ما سبقه، وقد رصد خبراء الحشود هذا العام تقليصاً لزمن وحركة ضيوف الرحمن، كما لاحظوا تجاوباً وتفهماً من حجاج بيت الله الحرام، مع تقلص ظاهرة الافتراش رغم عدم اختفائها نهائياً، وذلك بعد أن أحكمت الجهات المسؤولة طوق حمايتها لحدود المشاعر المقدسة؛ فلم يحصل تسرب يُذكر للذين يقومون بأداء فريضة الحج دون الحصول على تصريح، والذين لم يلتزموا بحملات الحج الداخلية؛ ما يدفعهم إلى الافتراش ومضايقة ضيوف الرحمن باحتلالهم الممرات والجلوس على الطرق وبين المخيمات ومزاحمة الحجاج الذين التزموا بالتنظيمات التي وُضعت لخدمتهم وتسهيل أدائهم فريضة الحج. الملاحظة التي استأثرت باهتمام من يتابع موسم حج هذا العام هي التزام ضيوف الرحمن حجاج بيت الله الرحمن بالهدوء والسكينة، والتفرغ للعبادة، دون الالتفات إلى ما يجري في مناطق أخرى خارج المملكة من نزاعات سياسية وطائفية وعرقية؛ ليؤكد الحجاج أن الحج عبادة وسلوك حضاري، يقدم ضيوف الرحمن من خلاله الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين. [email protected]