حب النبي الأمي عليه أفضل الصلاة والسلام حب أجمعت عليه أمته، ومجرد الحب لا يعني طاعة المحبوب أو النفع لاتباعه، فالحب عاطفة قد يطيش بها عقل المحب فيستغله المتربص اللدود للإساءة بالمحبوب والإيقاع بالمحب.. منذ الغنى والمكانة التي نالها سلمان رشدي بسبب فتوى الخميني بقتله، وكثير من المغامرين المنبوذين يتطاولون على عرض الرسول الهاشمي القرشي - عليه أفضل الصلاة والتسليم- طمعاً في نيل شهرة ومكانة تحصل لهم بفتوى كفتوى الخميني أو بمظاهرة ضدهم يُسال فيها دماء البسطاء من المسلمين ودماء الأبرياء من غير المسلمين. وفي خضم هيجان العواطف الإسلامية المنفلتة، تجمّدت تدابير عقلاء المسلمين وعقلاء غير المسلمين. فعقلاء غير المسلمين لا يجدون طريقة قانونية تُجرّم التطاول على الأديان والأنبياء بحجة العلمانية (وهذا يختلف عن العنصرية ضد عرق، ومن ذلك السامية فلا تُخلط الأمور). فالنصارى واليهود في أمريكا والغرب لا يفتأون عن الاستهزاء الذي يصل إلى حد الخلاعة والمجون - والعياذ بالله- بأنبيائهم، الذين هم أنبياؤنا عليهم السلام، فكيف يُجرّمونهم إذا ما تطاولوا على نبينا عليه الصلاة والسلام. وعقلاء المسلمين متورّطون لا يجدون حيلة ولا يهتدون سبيلا. فجميع العقلاء يتفقون على أن تجاهل هؤلاء السفهاء هو الحل الأمثل، ما لم ينفلت الأمر وتنتشر سفاهاتهم. وأما وقد انتشرت سفاهاتهم بواسطة الخبثاء أو البسطاء، فغضبات المسلمين حينها المنتصرة لعرض نبيهم خاصة دون أنبياء الملل الأخرى، هو من الأمور المطلوبة. فهذه الغضبات تحكي قصة الرسالة المحمدية التي ميّزت المسلمين عن غيرهم في كونهم خير أمة أخرجت للناس. وفي كون الرسالة المحمدية خاتمة الرسالات، وفيها إشارة واضحة لعمق تأصل الإسلام في نفوس أتباعه، ولو ظهر منهم ما ظهر خلاف ذلك من عدم التدين. وبين تحير حكمة العقلاء وانفجار عواطف البسطاء، غالباً ما تُمتص هذه الغضبات بمظاهرات وفتاوى تسفك فيها دماء المسلمين والأبرياء، ويُهدم بها جهد بناه مسلمون آخرون قدّموا الإسلام كدين حضارة فجعله هؤلاء المتظاهرون دين برابرة يخرجون في الشوارع يطحن بعضهم بعضاً في مظاهرات تقتل الأبرياء وتدمر أملاكهم. هم الخروج من جمود هذه المعضلة وجدته عند فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد. ففي مجلس الشيخ يوم الأحد - خلال إجازة اليوم الوطني- طرح الشيخ صالح بن حميد هذه المعضلة ورأى أن عدم وجود خطة استباقية للتعامل مع مثل هذه الحالات هي من أهم الأسباب في تجميد تدابير العقلاء عند وقوع هذه الحوادث التي تحتاج إلى خبرة سياسية واجتماعية ونفسية مع العلوم الشرعية. وبعد تحديد المشكلة وتشخيصها منه - حفظه الله- قام الشيخ صالح بطرح حل مقترح من أجل النقاش والتأمل. هذا الحل المقترح أنه إذا رأى ولاة الأمر في هذه البلاد الأمر بتشكيل لجنة من العقلاء تقوم بوضع عدد من السيناريوهات المحتملة حدوثها عند خروج أمثال هؤلاء السفهاء (كالبلد الذي يخرج فيها وقوانينها، ومقدار تطاوله وخطورته، ومدى انتشار خبر سفاهته)، وعلى ضوء هذه السيناريوهات توضع خطط أصيلة وبديلة للتعامل مع كل سناريو فيسبق العقلاءُ السفهاء في قيادة غضبة المسلمين في الانتصار لنبيهم فيوجهونها، وتكون هي الخطاب السعودي الديني الرسمي للعالم الإسلامي فتكون حقاً نصرة لمحمد عليه الصلاة والسلام ولدينه ولأمته وخزياً على السفيه المتطاول وعبرة لأمثاله ويسبقون فيقطعون الطريق على المسترزقة والخبثاء الذين يتلاعبون بعواطف المسلمين فيجعلون غضبتهم فوضى هدامة لا نصرة بناءة. (وللتنبيه لكي لا يُقال تقوّل ابن سالم على ابن حميد: فجوهر المقال وفكرته هو ما قاله الشيخ صالح بن حميد وما طرحه ببساطته المعهودة في مجلسه حفظه الله، وأما ما يستلزم من صياغة المقال من أساليب لجذب القارئ، والتي - من باب الاحتياط- قد تحتوي على عبارات قد تأول إلى معان لم يقصدها الشيخ صالح فهي من عندي كاستخدام كلمة العقلاء بدلاً من العلماء). ولا أدري أين وصل الشيخ ابن حميد بهمه وهل وجد من يعينه، فمن المسكوت عنه أننا لا نتعامل مع الوقائع إلا بعد حدوثها ولو تكررت، وأننا نعتقد أن الصمت أسلم لنا وإن كانت نتائجه دوداً ينخر في أحقية بلادنا لقيادة الرأي الإسلامي، فمن سيحمل الهم مع ابن حميد، هم التخطيط المستقبلي للتعامل الفعَّال مع السفهاء المتطاولين على عرضه عليه الصلاة والسلام وتوجيه الإعلام العالمي منذ البداية بدلاً من تسليم القيادة للخبثاء والسفهاء. [email protected] تويتر@hamzaalsalem