يقولون إن أهل مكة أدرى بشعابها، ولكنني - كقارئ قديم ومراسل سابق لجريدة الندوة في فترةٍ ما أيام المرحوم الأستاذ حامد مطاوع - أتفق مع الاقتراح الذي طرحه الدكتور فائز صالح جمال في مقالته المنشورة في جريدة المدينة يوم السبت الماضي بأن يبقى مسمى جريدة «الندوة» كما هو دون تغيير. وقد خامرني نفس الشعور الذي عبَّر عنه الكاتب منذ اللحظة التي قرأت فيها عن التوجه الجديد لتغيير الاسم لأن ذلك الاسم قد ارتبط في أذهاننا - نحن القراء - على مدى سنوات طويلة بجريدة كانت ناجحة في يوم من الأيام قبل أن تتكالب عليها الظروف وتنتهي إلى ما انتهت إليه. نحن نعرف أن بعض الصحف والشركات قد تلجأ إلى تغيير اسمها بسبب ظروف معينة ويكون هدفها من تغيير الاسم إيجاد صورة ذهنية جديدة لها لدى القارئ (الزبون) ولدى المُعْلِن ومحو أي سلبيات قد تكون برزت أثناء مسيرة تلك الصحيفة وارتبطت بالاسم القديم. وقد حدث هذا لصحف كثيرة في العديد من البلدان، وليست الندوة هي أول صحيفة تغير اسمها. لكنني أشعر - ربما بدافع عاطفي وجداني - إن تغيير الاسم ينطوي على تفريط كبير بتاريخ هذه المطبوعة العريقة. من المؤكد أن الأولوية هي الآن لإنقاذ الجريدة من أزمتها التي تعاني منها منذ سنوات؛ لكنني أتساءل هل يحتاج الأمر إلى طمس اسمها وإلغاء تاريخ طويل من الحضور الواضح لهذا الاسم في الوسط الصحفي السعودي منذ الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي؟ لقد ضاعت أسماء كثيرة لمطبوعات كان لها حضورها في الحياة الثقافية والصحفية السعودية مثل «الرائد» و»القصيم» و»أخبار الظهران» و»الإشعاع» وغيرها، وتلك التي اندمجت مع صحف أخرى ومنها «حراء» التي اندمجت مع الندوة ولم يعد يتذكر تلك الأسماء إلا المهتمون بتاريخ الصحافة السعودية؛ وهذا فقد فادح تمنيت أن لا تتعرض له الندوة. أتذكر في فترات قديمة سابقة أنني كنت شديد الحرص على قراءة جريدة الندوة، وخصوصاً التقارير الدولية التي كانت تنشرها بانتظام ولم أعد أتذكر الآن إن كانت مترجمة أو أصيلة لكنها كانت تستهوي شريحة واسعة من القراء. كما كان للجريدة إسهاماتها في إثراء الحياة الثقافية والتواصل مع القراء من خلال نشر أخبار مناطق المملكة بما فيها الأرياف، وخصوصاً المطالب التنموية للأرياف والمناطق النائية البعيدة حينما كانت الصحف هي الوسيلة الإعلامية الأقوى لإيصال تلك المطالب إلى أنظار المسؤولين في العاصمة. أرجو ألا يكون النظر في هذا الاقتراح قد تأخر، ولكن يبدو مما ذكره الدكتور فائز جمال أن غالبية من شاركوا في دراسة إعادة هيكلة الجريدة يؤيدون بقاء اسم جريدة الندوة دون تغيير، وهذا يجعل الأمل قائماً بعدم تغيير اسمها وأظن أن ذلك يعكس رغبة الكثيرين من قرائها الذين يشعرون أنهم على وشك فقد عزيزٍ غال لا يريدون أن يطويه النسيان. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض