نعم، العنوان يجب أن يكون الشعار الرسمي لهيئة السياحة في بلادنا! رغم أننا مسلمون ورسولنا عليه الصلاة والسلام قال «تبسمك في وجه أخيك صدقة» إلا أننا شعب لا نتعامل إلا «بالتكشيرة» والوجه العابس، ورغم تأثير الابتسامة الإيجابي وارتياحنا لمن يتبسم في وجوهنا إلا أننا لا نعامل بالمثل، وما أكثر ما رأيت هذا في الناس، فأرى شاباً يطلب طعاماً ووجهه كأنه وجه من هو في عزاء، ورجل يشتري سلعة ويعطي البائع المال وملامحه كمن خرج من مشاجرة. ما رأيته هو أن ابتسامة أهل بلدنا لا تأتي إلا كردة فعل، مثلاً شخص يسمع طرفة ويبتسم، أو يسمع شيئاً غريباً فيُظهر ابتسامة الاستغراب، لكن قلّما أرى الابتسامة تكون ابتداراً وشيئاً مقصوداً لذاته يصنعها الشخص بوعي وتعمُّد. كنت ذات مرة في أحد المكاتب وانشغلت بعملٍ والتفتّ لأرى رجلاً لا أعرفه واقفاً بجانبي عابس الوجه مقطب الجبين يرمقني بنظراتٍ نارية، فتسارعت الأفكار في عقلي وقلت «يا ترى هل يظنني قاتل شقيقه»؟ هكذا كانت ملامحه! بعدها سألني سؤالاً بسيطاً استرشادياً وانتهت المسألة! وصارحته بعدها فقلت لقد ظننتك أتيت لشر، وفاجأه هذا فلم يكن يدرك تعابيره لما أتاني، وهذه المشكلة، فتعاملي مع شعوب أخرى كثيرة رأيت الابتسامة جزءاً لا يفارقهم، يأتيك الغربي مثلاً فيبتسم في وجهك سواءً كان يدفع لك ثمن قهوته أو يسألك سؤالاً أو أياً كان الأمر، لكن لماذا يكون هذا مقصوراً عليهم؟ فهذا الصحابي الجليل المعروف بأبي الدرداء رضي الله عنه يقول: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ حديثاً إِلا تَبَسَّمَ»، أفلسنا نحن أحق بهذا الخُلُق؟ وإذا أردت دوافع أخرى فهي موجودة، فالابتسام ينشط الجهاز المناعي، ويخفض ضغط الدم، وهذه المنافع تأتي مع كثرة الابتسام وخاصة الابتسامة الصادقة التي لا تقتصر على الفم فقط بل تشمل باقي عضلات الوجه مثل التي أسفل العينين، وإحدى التجارب العلمية أظهرت أن الابتسامة الصادقة تقلل الضغط النفسي للإنسان حتى لو لم يكن لديه رغبة في الابتسام، فيصدّق العقل الابتسامة ويستجيب لها ويقلل التوتر ويخفض ضربات القلب في المواقف الضاغطة التي يتعرض لها الشخص. أما عن ضرر الضغط فحدث ولا حرج! فالضغط الذي يستمر بلا تخفيف يسبب أضراراً كثيرة، منها الصداع ومشاكل النوم وألم المعدة وتتطور حتى تصل آثار الضغط النفسي لأشياء مثل السكري ومشاكل القلب ومرض الاكتئاب وغيرها، فيكون للضغط دور في تفاقمها أو حتى تسبيبها، وعدد هائل من الزيارات للأطباء سببه ليس إلا الضغط، لهذا على الإنسان البحث عن أي وسيلة تعينه على هذا الداء العُضال الذي ابتلي به الناس في هذا العصر، ولا أسرع ولا أسهل من الابتسامة الصادقة. ومن يريد أسباباً أخرى فالابتسامة تجعلك أكثر جاذبية! لا أحد يحب الوجه الكالح العبوس، ومن حسنات الابتسامة أنها مُعدية، فمن يبتسم يُعطي لغيره لا شعورياً رغبة في الابتسام، فينتشر الأثر الطيب. البسمة الصافية، إنها تنفعك وتنفع غيرك، فلا تبخل بها على نفسك وعلى الناس!