يوم غزت القوات الأمريكية البريطانية العراق، لم تجد صعوبة في احتلال كامل العراق في 2003، نسبة لعجز جيش صدام حسين، رغم كلّ ما قيل عن ذلك الجيش الذي اعتُبر رابع جيش إبان الحرب العراقية الإيرانية. الذين أخضعوا عملية احتلال العراق للدراسة والتحليل، خلصوا إلى أنّ انهيار الجيش العراقي وعدم قدرة وحداته على التصدِّي للغزو ثم الاحتلال، يعود إلى التآكل والتدمير التدريجي لآليات ومعدّات الجيش، خاصة في أسلحة الطيران والدبابات والمدرّعات والصواريخ وأجهزة الدفاع الجوي، وسبب ذلك هو تعرُّض العراق إلى حصار اقتصادي استمر طويلاً، مما حرمه من تعويض النقص في المعدّات العسكرية، مثلما نال من معدّات أخرى بما فيها الأجهزة الطبية والتنموية وغيرها، وكل ذلك أدّى إلى تراجع القوة العسكرية التي لم تجد عوناً ودعماً اقتصادياً بسبب الحصار. الآن الحالة تتكرّر في إيران، مع اختلاف أساليب الحصار الاقتصادي الذي طُبِّق على إيران عما كان مطبّقاً على العراق، بحرمان إيران من الإيرادات الضخمة لتسويق النفط، إذ يجد النظام الإيراني صعوبة في تسويق وبيع النفط، وبالتالي فقدان بلايين الدولارات التي جعلت الاقتصاد الإيراني يهوي، وبدأ المواطن الإيراني يشعر بالحرمان والضيق بعد تدهور العملة الوطنية التي فقدت أكثر من 70 بالمائة من قيمتها، وارتفاع التضخم إلى معدّلات عالية جداً، كما أنّ النظام الإيراني مُنع من استيراد أيّة مواد وأجهزة وقطع غيار تدخل في الصناعات النووية والعسكرية والطيران والتقنية، وهذا ما يجعل ثمن استيرادها حتى بالتهريب عالية التكلفة، فأصبح من الصعب توفيرها لقلّة إيرادات بيع النفط، ومع زيادة تكاليف تمويل سياسة النظام الإيراني الذي يواصل تصدير الفتن ودعم حلفائه ب(سخاء)، إذ قدّم لنظام بشار الأسد عشرة بلايين دولار، إضافة إلى ما يقدّم من أموال لحزب نصر الله والحوثيين والخلايا الإرهابية في أفغانستان وأوروبا، فإنّ نظام الملالي يجد صعوبة في تلبية حاجيات الشعب الإيراني المشروعة، ويعجز عن تعويض النقص والتآكل في آلياته وأجهزته العسكرية، مما يضطره إلى تفكيك عدد من الطائرات والآليات لتشغيل الأخرى التي تظهر في العروض العسكرية، وهو نفس الأسلوب الذي قال به جيش صدام حسين. إذن العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب وتقودها أمريكا، بدأت تؤتي أكلها واستمرارها سيهيئ (مسرح العمليات الإيرانية) للاجتياج، إذ لم تكتف القوى المعادية للنظام بإلغاء البرنامج النووي وتعمل على تغييره، ولهذا فقد حاول النظام فتح قنوات تفاوض مع أمريكا، من خلال طرح تسع نقاط تستند على وقف تدريجي لتخصيب اليورانيوم، مقابل وقف فوري للعقوبات الاقتصادية، وهو ما رفضته أمريكا التي ترى أنها ستجني ثمار هذه العقوبات، فيما يشعر نظام طهران أنّ مصيره لن يكون بأفضل من مصير صدام حسين. [email protected]