ليس من اليسير أبداً أن تحاول تطويع المشاعر على الهدوء، وأنت تستدعي كلمات الرثاء لحبيب أثراك وورثك كثيراً من السمات النبيلة .. ولكنه: «حُكم المنيّة في البرية جارٍ ما هذه الدُنيا بدار قرارٍ» حبيب فتح لك أنوار العقل في لجاجة طفولتك، وأسقاك كؤوساً من حكايات الكفاح والجد والإخلاص حتى في أواخر عمره.. ألبسك رداء الفخر منادياً لك بصروح الألقاب ولم يرك يوماً صغيراً وضيعاً بل رفيعاً عزيزاً.. تعبر من أمامه فيسمعك أهازيجه الجميلة التي ابتدأها باسمك، وتارة تجالسه فيحكي لك تاريخاً شاملاً عاصره صغيراً، وأخرى يرافقك بها ليبوح إليك بأسراره وتجاربه الخبيرة، معزّزاً فيك معاني النزاهة والكرامة والقناعة والشموخ أمام المغريات.. حبيب ذاق الخداع والعناء في رخاء القصر وجدب الصحراء.. ومع هذا كان يخطو في أتون العناء نحو السلامة والظفر الحقيقي بحكمة وعزّة, لم يأبه أبداً بزخرف الحياة, أعطى وجاد ما بين رفاهية وحزم وحنان فرزق أبناءً أبراراً.. هم الأعلام والفخر والإرث الحق.. حبيب يُرَى تاج الوقار والهيبة عليه في كل قول وموقف وخطو.. لم ألق له إلاّ الذِّكر الطيِّب في كل موطن.. جدِّي لأُمِّي «علي بن ناصر الفريح» غفر الله لك يا رجل المواقف ويا عظيم العظات ويا أنموذج الوسطية في الحياة .. رحيلك في يوم جمعة 12-11-1433 وساعات فضيلة ووجهك الوضّاء وتكبيرات الصلاة عليك، ومسمع تنهيدات المصلين معها، والجموع الغفيرة التي رافقتك لمثواك الأخير هي بشارات احتوت فينا كثيراً من ألم فقدك وهدأت وجع مغيبك في المنزل.. جدي.. رحمك الله عهدناك طيلة العمر جواداً سخياً ولن نكون إلاّ أجود وأسخى منك إليك.. نحن الأبناء والأحفاد عهد الوفاء بيننا دعاء وصدقة لن يغيبا حتى نلقاك فتُسَرَّ ونَسِرَّ بك.. جدي.. عهدتك صابراً فصبَّرت أحرفي المرتجفة ونظمت عباراتي القصيرة التي لم أعهدها هكذا ! إنها أخذت أياماً تحبو محاولة الوقوف لذكراك العزيزة عل دعوة وتأمينات فضيلة من أخ في الدين تؤنس دارك الأخيرة.. اللهم يا حيُّ يا قيوم إنك تعلم أنّ «علي بن ناصر الفريح» كان حامداً شاكراً عزيزاً بحلالك نزيهاً عن حرامك.. أبياً في الحق ومعيناً في الكربات .. فأوسع عليه برياض من جنانك واجمعه مع والديه، وأسبغ عليهم من واسع رحماتك واجمع أسرتنا الفاضلة معه حول حوض نبيِّك الكريم وأطب مقامه في الفردوس الأعلى من جنانك.. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. هدى بنت ناصر الفريح - البكيرية