الحمد لله وبعد.. عندما تشرّفت بالعمل بإمارة منطقة جازان نيابة عن معالي أمير المنطقة الشيخ محمد السديري ثم عن سمو الأمير محمد بن ناصر زارني في المكتب وبعد رد السلام عليه والاحتفاء به لكونه صديقاً قديماً بادرته بقولي: ما الذي جاء بك في الإمارة؟ فأجابني بأنه حضر للسلام من مدينة صبياء لأنه لا يزور المنطقة إلا للمناسبات وإنما عمله الدائم في الرياض فقلت له أين أنت من بعض الناس الذين لا يفارقون الإمارة بصفة دائمة إما شاكون أو مشكيون؟ فقال وهو يحمد الله أنا لا طالب ولا مطلوب وفعلاً فإنه طيلة عملي بالإمارة لم يعرض عليَّ معاملة تخصه رغم كثرة أعماله وارتباطه بالناس لكنه آل على نفسه بأن لا يدخل دائرة حكومية بشكوى أحد لأنه يؤمن بقول النبي صلى الله عليه وسلم (رحم الله امرأً سمحاً إذا باع سمحاً إذا ابتاع سمحاً إذا قضى سمحاً إذا اقتضى). وقال إني وجدت التسامح والمسامحة كلها خير وعاقبتها حميدة. هذا الرجل الذي حكيت قصته هو من وافاه الأجل المحتوم منذ أيام قليلة في مدينة الرياض وانتقل إلى رحمة ربه راضياً ومرضياً عنه إن شاء الله. لقد كان الشيخ محمد بن حسين أبو ذياب الذي يملك شركة من كبريات شركات تأجير السيارات، بل هي أقدم شركة قامت بهذا العمل وتملك آلاف السيارات وعشرات المكاتب في مختلف مدن المملكة تؤدي خدماتها بكل صدق وأمانة وقد أوصى أولاده بأن يسيروا على نهجه وأسلوبه وتعامله مع المواطنين الذين تضطرهم ظروفهم بأن يستأجروا سيارات لقضاء حاجاتهم اللازمة، حيث اتسعت المدن وتباعدت الأمكنة وكثرت المشاغل. هذا الرجل الشهم والطموح مات عن عمر قضاه في خدمة وطنه ومواطنيه وقد عرفت عنه الشيء الكثير الذي كان يسعى فيه حباً للخير، وكان له دور في خدمة الفقراء من الأقارب وغيرهم لتخفيف وطأة الفقر والعوز وكل ذلك بصمت لا تعرف شماله ما تنفق يمينه بجانب بساطته وتواضعه الجم مع موظفيه من عمال وغيرهم يعطيهم كامل حقوقهم أو يزيد، وكان أبناؤه يسيرون على طريقته ويتعاملون مع الناس كتعامله معهم. أما تعامله مع أولاده فهو في غاية الحزم واللين والشفافية حسبما يقتضيه المقام وشاهدت ذلك بنفسي وهو دائماً يردد على لسانه اللهم أحسن لنا الختام، وفعلاً والحمد لله أحسن الله خاتمته وتوفاه الله بعد مرض لم يمهله طويلاً، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجعل الخير في عقبه وجمع كلمتهم ووفّقهم في حياتهم كما كان والدهم موفقاً في حياته. رحمك الله أبا عبد الله وجعل الجنة مثواك {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً }، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.