كلما استمرت أزمة محلية أو إقليمية ودولية لا بد أن تفرز سلبيات قد يكون إنهاؤها أو معالجتها أكثر صعوبة من معالجة الأزمة نفسها. وهذا ما يلاحظه المتابعون لتطورات الأزمة السورية التي أنهت أكثر من عام ونصف العام وشهدت كثيراً من المبادرات الدبلوماسية والسياسية التي لم تفلح في معالجة الأزمة لتدخل أطراف دولية وإقليمية عديدة تعمل على تعظيم مصالحها ومكاسبها على حساب دماء السوريين. المتابعون لهذه الأزمة لم يخفوا تخوفهم من أن يؤدي استمرار الأزمة السورية إلى إشعال حرب إقليمية مصغرة بأدوات دولية من خلال امتداد نيران الأزمة إلى الدول المجاورة لسورية. أما آخر ما رشح من التداعيات السلبية للأزمة السورية ما رصده المتابعون لما يجري في سورية وفي الدول المجاورة، إذ لاحظوا أن الإعداد قد بدأ جدياً لتكوين تشكيلات عسكرية تزيد الأمر تعقيداً، ففي سورية واستلهاماً لتجربة النظام الإيراني الذي يوجد العديد من خبرائه العسكريين، بدأ تكوين تشكيل عسكري طائفي يقتصر على أبناء الطائفة العلوية، فقد أكَّدت معلومات استخبارية أن الخبراء الإيرانيين قد أقنعوا النظام السوري بالبدء في تشكيل حرس ثوري سوري تكون جميع عناصره من العلويين، وقد بدئ في فرز هذه العناصر من منتسبي كتائب الأمن المسلحة والشبيحة، وأن الخبراء الإيرانيين الذين يصل عددهم إلى ألفي مدرب قد بدؤوا تدريب هؤلاء الشباب، وأن العدد الأولي المستهدف هو ستة آلاف عنصر سيكونون النواة الأولى للحرس الثوري السوري. هذه المعلومات أكدها ضباط سوريون انشقوا حديثاً من جيش النظام، وذكروا أن المدربين الإيرانيين من حزب «نصرالله» اللبناني يديرون دورات متخصصة للمتدربين من العلويين الشباب تمتد لمدة أربعة أسابيع في منطقة الدريج القريبة من دمشق والتي كانت مقراً لمعسكرات الصاعقة والمظليين. أما في العراق، فقد ذكرت الأنباء أن هنالك جهوداً تُبذل من قِبل قياديين سياسيين كانوا منخرطين في العملية السياسية العراقية وقد بدؤوا بالنأي عنها بعد اتهام لنوري المالكي بإقصاء مكون مهم من الشعب العراقي، وأن هؤلاء السياسيين المؤثرين قد أعادوا اتصالاتهم بضباط من الجيش العراقي الذي حله الحاكم الأمريكي بريمر بعد الاحتلال الأمريكي، وأن هنالك جلسات عمل قد عقدت من أجل تكوين جيش عراقي وبالذات في المناطق الشمالية الغربية، سيطلقون عليه اسم «الجيش العراقي الحر» وسيضم كل الفصائل والمكونات المسلحة التي قاتلت قوات الاحتلال الأمريكي إضافة إلى محاولة استقطاب العناصر العسكرية السابقة التي كانت تشكل قوام الجيش العراقي في عهد الرئيس صدام حسين. المطلعون على الوضع العراقي يرون في هذه الخطوة تطوراً كبيراً وخطيراً في حالة نجاح من يسعون إلى تحقيق هذا الهدف، لأن نجاح تكوين قوة عسكرية ذات خبرات عالية سيشكل تهديداً خطيراً لحكومة نوري المالكي وسيقنن المعارضة الشعبية العراقية إلى حركة عسكرية ستجد من ينضم إليها ويتعاطف معها خاصة في المحافظات التي أقصى نوري المالكي رموزها السياسية وأبناءها باستحواذه على كل مفاصل الحكم في العراق. [email protected]