اليوم الوطني للمملكة العربيَّة السعوديَّة هو أحد الأيام الخالدة والبراقة في تاريخ هذه البلاد المباركة، ذكرى عطرة، فقد تحقق فيه بفضل الله أولاً، ثمَّ بسواعد أبنائه البَّررة توحيد المملكة في وحدة اندماجيَّة جعلت من التشتت والضعف قوة محققة بذلك نموذجًا رائعًا لمعنى الوحدة والتضامن، ومن هنا تفوح الذكرى العطرة لصانع تلك الوحدة الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- الذي أرسى دعائم هذه الوحدة ووضع قواعدها وأرسى دعائمها وجمع شمل أبنائها ليبنوا معًا صرح هذا البلد الكريم، سانده في ذلك ودعمه {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} وقد توثقت وحدتها في المسيرة التي قادها من بعده أبناؤه (سعود، فيصل، خالد، فهد) -رحمهم الله- ثمَّ خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -الذي شهدت المملكة في عهده منجزات تنمويَّة وسياسيَّة واقتصاديَّة عملاقة واليوم الوطن الكبير يحتفل بميلاده الثاني والثمانين، حيث يظهر للقاصي والداني من المشروعات العملاقة والإنجازات الكبيرة، وفي مطلع تلك الإنجازات إبراز معالم الحرمين الشريفين في كلِّ ما من شأنه العنايَّة بهما لما لهما من مكانة إسلاميَّة عظيمة ورمز إسلامي كبير الذي هو محل عزٍّ وفخرٍ لهذه البلاد المقدسة، فالتوسع والتعمير للحرمين هدفٌ يطمح له قادة هذه البلاد من أجل خدمة ضيوف الرحمن وزوار المسجد النبوي الشريف، وآخر شاهد على ذلك التوسعة الكبيرة الأخيرة للحرم المكي التي دشنّها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -رعاه الله وسدد خطاه- التي لها دورها في تيسير أداء الحجِّ والعمرة، وتوجها أخيرًا بوضع حجر الأساس لأكبر لمشروع توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة. وعلى الصعيد الدولي المملكة العربيَّة السعوديَّة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وحنكته عزَّزت دورها في الشأن الإقليمي والعالمي سياسيًّا واقتصاديًّا وتجاريًّا مما جعل لها حضورًا سياسيًّا متميزًا وعلاقات إستراتيجيَّة مع دول العالم، وأصبح للمملكة وجودٌ أعمق في المحافل الدوليَّة وفي صناعة القرار العالمي، وشكَّلت عنصر دفع قويًّا للصوت العربي والإسلامي في دوائر الحوار العالمي على اختلاف منظماته وهيئاته ومؤسساته، حيث صاغت المملكة نهضتها الحضاريَّة بفضل ما امتنَّ الله -عزَّ وجلَّ- به عليها بأن جعلها الدَّوْلة الإسلاميَّة الرائدة في هذا العصر، فوفَّق قادتها المخلصين إلى تأسيسها على منهاج الشرع القويم، تستظل برايَّة لا إله إلا الله محمد رسول الله وتتشرَّف بخدمة الحرمين الشريفين خير أمة أخرجت لِلنَّاس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، محققة بذلك شراكة عظيمة في تعزيز التلاحم بين الشعب، الشواهد عظيمة، مشروعات شامخة تعانق عنان السحاب، منارات ساطعة، تقدم في كافة المجالات شهد بذلك القاصي والداني، فمنذ تأسيس هذا الكيان العظيم (المملكة العربيَّة السعوديَّة) تحت رايَّة الإسلام الخالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فكلمة التوحيد هي الأساس الذي قامت عليه هذه البلاد واتخذتها شعارًا لها ومنهجًا لحياتها وأساسًا لنظامها، رسم ملامح المستقبل لهذا البلد بمشيئة الله، وإن كان تنفيذه تسطّره الأيام والأحداث فإنَّ شخصية المؤسس الملك عبد العزيز من القلائل الذين رسموا أسس هذا الكيان الفتى، شخصيَّة علّت همتها فهامت به أمته، قائد استطاع أن يجمع الخصوم، فيمخض نفوسهم ليذهب الزبد جفاء، ويبقى بريق إخوة الإيمان، وأصالة النَّفس الإنسانيَّة جعل القرآن والسنَّة المطهرة له ديدنًا ودستورًا، فتوخى العدل والإحسان. إن ما حققته بلادنا من إنجازات كبيرة تحتم علينا جميعًا المحافظة عليها وتعزيزها وبذل المزيد من الجهد لحمايتها. وفي هذه المناسبة السعيدة لا يسعني في هذا المقام إلا الدُّعاء لخادم الحرمين الشريفين وأن يلبسه ثوب الصحة والعافيَّة وأن يجزيه عن أمَّته خير الجزاء، والدُّعاء موصول لولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- أمدهما الله بالصحة والعافيَّة، ذخرًا للأمَّتين العربيَّة والإسلاميَّة وسدد الله على طريق الخير خطاهما. وفَّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، إنه ولي ذلك والقادر عليه. وبالله التوفيق. - مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلاميَّة والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة الرياض