من بين أعنة الأحداث الدائرة، تلك الأقدار بين الفرح والحزن والضحك والبكاء والجد والهزل والسمو والسماوة والعظمة والدنو من بين ذلك كله انسحبت سحابة القدر عن الأجل المحتوم إبان زحمة الأحداث العظام وخوض الأقدار في فتن جسام ترجل نايف ورحل. رحل ولم تسقط من يده بيارق عزة الإسلام وكرامة العروبة وإباء الفرسان، ترجل نايف ورحل وترك من خلفه أسطورة المجد وقصة الإنجاز ورواية العطاء وكفاح الأبطال وعمل الحكماء وصمت الحلماء، رحل الفارس وترك للتاريخ معاني ثرية من مفاهيم العطاء وسجلاً حافلاً بإنجازات شامخة على الأرض بقوة وثبات تخدم الإنسان. رحل نايف وترك من خلفه مواقف جادة حكيمة بقرارات صائبة التوجه وثاقبة النظر نحو المستقبل تظهر عزة الإسلام وكرامة العروبة. رحل محبرة العلم ورجل الأمن والسياسة والوجه المشرِّف لصورة العربي المسلم والأمير الإنسان. رحل وشيّع جثمانه بمراسم بسيطة كبساطة نفسه وعطائه وتبادله لحل القضايا بسلاسة وبساطة الحكيم، رحل نايف بن عبدالعزيز وبقيت عطاءات أفعاله وخططه بقيت شامخة على أرض الواقع كشموخ النخلة في وسط الصحراء تشير بدنو قطوفها وحلو ثمرها إلى عطاءات الأمير المحنك الراحل الفقيد وناصر الدين والعقيدة. ولو أن عمر الإنسان يقاس بأعوامه لما خلّد التاريخ أساطير وأمجاد العظام وإنما يقاس عمر الإنسان بأفعاله لا بأعوامه ويخلد التاريخ ذكر العظماء بإنجازاتهم. رحل نايف وبقيت مواقفه وبقيت إنسانيته في صور منفردة من عطاءاته المتميزة والتي ارتوت من ماء الفضل وسارت عبر ساقية الحكمة والإخلاص للأمة والدين والوطن، لقد كان - رحمه الله تعالى- حلقة الأمان وحجر الزاوية وواسطة قلادة الأمن. يرأب الصدع بحكمته ويسد الثغر بسياسته ويكمل البناء بعطائه، جعل من نفسه ترسانة دفاع عن الدين والوطن وجسر خير يصل بين المتباعدين ويصلح بين المتخاصمين ويرفع من همة المتخاذلين هتان هميل يروي عطش الأمة من حين لآخر، مطالباً بوحدة الصف والكلمة بل كان ديمة عطاء لا رعد فيها ولا برق في صحراء الحياة تسابقت همته نحو شموخ سماوة البناء وتعالت مقاصده نحو نبل المفاهيم ومعاني العطاء حمل ثقل هم بناء الأمن في سبيل خدمة دينه ثم مليكه ووطنه. وسار في درب الإنجاز بصمت الحكيم ورؤية الحليم وهدوء المطمئن الواثق بربه يبذل الجهد والتفكير من أجل الحفاظ على الأمن وبناء صروح الخير، مزودته في ذلك استعانته بربه ثم إخلاصه في مقاصده، رماه الرامون بحجارة كبيرة فجمعها بهدوء الحكيم وركنها على جانبي طريقه وهو سائر في صمته نحو بناء وطن آمن ولا ضره أن يرمى مثله، فلقد كثر الحساد في زمننا هذا فالنار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله ولا يرمى بالحجارة إلا شجرة يانعة الثمار كثيرة العطاء كان قبساً وهاجاً من نور الحكمة يستضاء بحكمة رأيه في المواقف الصعبة، يبعث بالضوء في ظلمة الأحداث أفعاله المخلصة تنشر لها أماني الأمة بحلم اللقاء المتجدد مع المجد بذلك طاقة وجهد وسخر وقته وعلم أبناء جنسه كيف يكون العطاء المطلق من أجل المقاصد السامية والتي تعمر فيها الأرض ويرقى بها نحو البناء لا الهدم وأصبح لوطنه ابنا بارا ولدينه خادما ومخلصا ولعروبته وفيا مخلصا لم يرض أحد بنقده ولم يعب أحد بتقصيره، زرع في رجاله ومن حوله الثقة. لم يجالسه أحد إلا استفاد من همته بكلمة أو إشارة وها هو بلغ نقطة الأجل المسمى ولحظة الفراق مع الدنيا أوهن عظمه هم وطنه وجسامة الهمة وثقل المسؤولية وعظم الأمانة. رحل تاركاً على جانبي مسيرة طريقه في الحياة إشارات عظام وعطاءات ضخمة وإنجازات شامخة تقول لأبناء أمته، هكذا تكون عمارة الأرض بالبناء لا بالهدم، بالعطاء لا بالأخذ، بالرحمة لا بالظلم، بالرشد لا بالسفه، بالروية لا بالتعجل، فكل إنسان لابد له من وقفة مع فراق الدنيا ويطوي الموت بها صفحته وتنطوي جميع الصفحات وتبقى صفحات المنجزين بالخير منشورة يقرأ فيها على مدى التاريخ الأمن والخير، والعطاء، والبناء، والإنجاز. وصفحة نايف في التاريخ سطور بينه بالحق وإنجازات شامخة بالخير وعطاءات دائمة بالمعروف يظل بها رمزاً في التاريخ للأجيال من بعده ومثالا يحتذى بفعله، فرحم الله نايف وأودعه قبره في سكينة المؤمنين وأذهب الله عنه وحشة القبر وظلمته بصالح عمله وجعل الله القرآن أنسه في القبر وأسأل الله تعالى له بصالح عمله أن يجعله من أهل المعروف في الآخرة كما كان من أهله في الدنيا، فإن أهل المعروف في الدنيا هم أهله في الآخرة وأسكنه الله فسيح جناته وجعله من وجهاء الآخرة كما كان من وجهاء الأرض وجبر الله مصابنا ومصاب الأمة الإسلامية فيه بخير ويجزيه الله لنا عوضاً بخير ونصر ورخاء وأمن وأمان لنا وللأمة الإسلامية والعربية. ومن نعم الله سبحانه وتعالى أن عوضنا عن فقيد الوطن الأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمه الله - بقائد فذ يمتلك من الحكمة والعلم والمقدرة، ما يمكنه من قيادة سفينة الأمن في بلادنا المباركة إضافة إلى ما يمتاز به سموه من بعد نظر وقلب كبير ووفاء ونبل سمو خلق وعلو همه، وهو صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزير الداخلية. وله في صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الذي عرف بحنكته وحكمته الإدارية وتواضعه الجم وعطفه وحبه لرجاله وتقديم العون لهم والسؤال عنهم والحرص على تهيئة بيئات عمل محفزة لهم وهو بإذن الله خير مؤازرة وعون لتنفيذ سياساته الحكيمة، والتي تمثل امتداداً طبيعياً لعطاء نايف الخير، في بلاد لا ينضب معينها من الرجال والقادة الأفذاذ القادرين دوماً بمشيئة الله تعالى على حماية أمنها واستقرارها ومواصلة مسيرتها على طريق النهضة والرخاء. مدير عام الدفاع المدني