لا يستطيع المرء الإحاطة بكل الإنجازات التي حققتها المملكة على مدى أكثر من مئة عام في كافة المجالات.. لكن ونحن نعيش هذه الذكرى التاريخية التي شكلت فتحا حضاريا في تاريخ المملكة يطيب لنا الحديث عن بعض المنجزات الكبرى التي توالت على بلادنا منذ التأسيس. فمنذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز يرحمه الله اتسمت المسيرة التنموية السعودية بالاسترشاد بتعاليم الدين الحنيف وقيمه السامية فحققت المملكة التوازن بين التطور الحضاري والعمراني والاقتصادي وبين المحافظة على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية، وخلال مسيرة البناء نفذت المملكة خطط التنمية الخمسية بنجاح وحققت قفزات ونهضة حضارية شاملة فتحققت المنجزات الأساسية من طرق وموانئ ومطارات ومرافق وخدمات أخرى مما ساعد على اختصار الجهد والوقت في تنفيذ المشروعات العملاقة التي اشتملت عليها خطط التنمية المتتالية. وقد حققت المملكة نجاحاً كبيراً في بناء القاعدة الاقتصادية وتنويعها لتخفيف الاعتماد على البترول وذلك من خلال تعزيز قدراتها الإنتاجية في القطاعات الأخرى وهذا التطور والتنويع في الصناعات انعكس إيجابياً على التجارة سواء تجارة الصادرات أو الواردات حيث تحولت التجارة من تجارة محدودة موسمية (تعتمد بشكل كبير على موسم الحج مثلا) إلى تجارة تقوم على أسس اقتصادية ثابتة، مثل الصناعات البتروكيميائية ومشتقات البترول. ويمكن رؤية ملامح التطور الشامل من مشروعات المدن الاقتصادية التي تعتبر إحدى الآليات العلمية والعملية لجذب الاستثمارات وإتاحة فرص العمل. وفي مجال الأمن خاضت وزارة الداخلية وهي العين الساهرة على أمن وأمان الوطن والمواطنين والمقيمين مواجهات تكللت بالنجاح بفضل الله ثم بفضل السياسات التي وضعتها وزارة الداخلية لهذه المواجهات مع الفئة الضالة وما إحباط تنفيذ العمليات الإرهابية قبل وقوعها إلا دليل على السياسات الأمنية الحكيمة، وأمن وأمان الحرمين الشريفين وأمن وراحة الحجاج والمعتمرين والتوسعات الكبرى التي نفذت منذ عهد المؤسس حتى يومنا هذا والكل يعرف ما تم إنجازه خلال السنوات الأخيرة من توسعات في الحرم النبوي الشريف وما يتم إنجازه حاليا من توسعات كبرى في الحرم المكي الشريف إضافة إلى الخدمات والمرافق التي من شأنها ضمان راحة وأمان الحجاج والمعتمرين. وظل التعليم دائما هدفا رئيسا من الأهداف التي سعى الملك عبدالعزيز وأبناؤه من بعده إلى تحقيقها حيث تم إنشاء المدارس بكافة مراحلها للطلبة والطالبات في جميع مناطق المملكة ثم في السنوات الأخيرة إنشاء العديد من الجامعات في مختلف التخصصات إضافة للمعاهد العلمية. وقدمت الدولة للقطاع الخاص الدعم والمساعدة ليقوم بدوره في مجال التعليم حيث يوجد عدد كبير من المدارس الخاصة وفي السنوات القليلة الماضية تم افتتاح جامعات وكليات خاصة. وركزت الدولة منذ الستينيات الميلادية على ابتعاث الطلبة للحصول على الدرجات العلمية ولا يخفى ما تم خلال السنتين الأخيرتين على هذا الصعيد إذ تم ابتعاث آلاف مؤلفة من الطلبة والطالبات في مختلف التخصصات للحصول على شهاداتهم العلمية من أرقى جامعات العالم وكذلك ابتعاث الموظفين للتدريب، ومشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم يدل على تأكيد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله على الاستثمار في العنصر البشري ليقوم بدوره في المشاركة في التنمية، وبفضل من الله تم تكريم الكثير من أبناء هذا الوطن في مختلف دول العالم لتفوقهم في عدة مجالات. ولعل الإنجاز الكبير الذي يشكل علامة فارقة في تاريخ التعليم الذي يشكل مثالا لاهتمام القيادة بالتعليم هو جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. إن العملية التنموية العملاقة التي تعيشها بلادنا المباركة في مختلف المجالات بدأت منذ عهد جلاله الملك عبدالعزيز رحمه الله ومن بعده أبنائه وصولا إلى هذا العهد الزاهر والميمون يجعل جميع المواطنين يشعرون بالغبطة والفخر. وبهذه المناسبة أتقدم بالتهنئة لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وزير الدفاع وجميع المواطنين.