تقع إيران في الشمال الشرقي للخليج العربي أو الخليج الفارسي - كما تسمِّيه - إيران، وهي من الدول المصدِّرة للبترول وعدد سكانها يزيد على (70) مليون نسمة ولغتها هي الفارسية، وقد دخلت في الإسلام في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب وعلى يد الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، حيث خرجت من ظلام العبادة لغير الله إلى العبودية له عزّ وجلّ، وقد حُكمت إيران بعد سقوط الخلافة الإسلامية بعدد من الملوك من إيران كان آخرهم (محمد رضا بهلوي) الذي حكم من سنة 1941م حتى سنة 1979م بعد نجاح ثورة الشيخ الخميني عليه، حيث لا تزال الثورة تحكم عن طريق علماء الدين (حسب المذهب الجعفري)، حيث قضى الدستور الإيراني بعد الثورة على ضرورة أن يكون رئيس الدولة جعفرياً. وكان الهدوء والتسامح والتعايش هو الغالب في إيران نفسها ومع جيرانها في عهد الشاه، مع أنّ الجزر الإماراتية احتُلّت من إيران في عهد الشاه، ولكن هذا التسامح والتعايش تغيّر بعد الثورة، حيث إنّ بعض قادة الثورة كان لهم رأي في ضرورة تصدير مبادئ الثورة للدول المجاورة، وهو ما أدى إلى نشوب الحرب العراقية الإيرانية لمدة ثماني سنوات، وهي الحرب التي أحبطت طموح بعض القادة الإيرانيين في تصدير الثورة، كما أدت إلى أن يكون العراق بقيادة صدام حسين، هو العدو الأول لإيران وحكومة طالبان بعد وصولها للحكم في أفغانستان هي العدو الثاني، وهو الأمر الذي دعا إيران للعمل في سبيل إزالة هذين العدوّين، فقد حانت الفرصة لها بإنهاء عداء أفغانستان لها بعد قيام الولاياتالمتحدة بإسقاط حكومة طالبان، على أثر الهجمات التي قامت بها القاعدة في الولاياتالمتحدة سنة (2001م)، وفي العراق قامت إيران عن طريق الموالين لها في المعارضة العراقية كحزب الدعوة، بتسهيل دخول الجيش الأمريكي وبمساندة بريطانيا للعراق وإسقاط نظام صدام سنة 2003م. ومع سقوط العدوّين اللدودين لإيران، إلاّ أنّ ذلك لم يمنعها من العمل على إنشاء المفاعل النووي الإيراني الذي أسس بمساعدة روسية، حيث تقول إيران إنّ أهدافه سلمية، في حين أنّ لدى دول الغرب وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة شكوكاً كبيرة بأنّ الهدف هو إنتاج السلاح النووي، ولذا جرى العديد من المفاوضات بين إيران وبين الدول الغربية وبمشاركة الوكالة الدولية للطاقة النووية، لقصر هدف البرنامج النووي الإيراني على الأمور السلمية فقط، حيث تصر دول الغرب على ذلك أو اللجوء للعمل العسكري لتدمير البرامج بل قد يمتد ذلك لتدمير القوات الإيرانية. والسؤال الذي يطرح نفسه على إيران هو إذا كانت الدول الغربية مصرّة على سلمية البرنامج النووي الإيراني أو الحرب، فما هو الأفضل لإيران؟. والمعتقد أنّ الجواب المنطقي العقلاني أنّ الحرب ليست في صالح إيران وإذا وقعت فلن تكسبها رغم التهديدات النارية التي تطلقها من حين لآخر وسوف يصيب إيران تدمير كبير وسيسقط نظام الحكم الحالي. إذاً مادام أنّ هذه هي النتيجة المحتملة فيما لو وقعت الحرب فلماذا المراوغة من إيران في مفاوضاتها مع الدول الغربية، وإذا كان هدفها من البرنامج النووي هو إنتاج السلاح النووي، فلماذا وما هي أسباب ذلك؟ فعدوّا إيران طالبان وصدام سقطا وإيران ليست دولة عربية معنيّة بالصراع العربي الإسرائيلي، ولو فرضنا أنها معنيّة بذلك من منطلق إسلامي فهي ليست دولة مواجهة لإسرائيل. ونخلص مما تقدم إلى أنّ المطلوب في هذا الشأن هو اللجوء إلى لغة العقل والمنطق، وعدم تعريض أمن المنطقة والمصالح والمقدّرات الإيرانية للخطر والتدمير بسبب الإصرار على أمر ليس ضرورياً لإيران. [email protected]