من نوع الحيلة بنت تدعى نوره الصنيدح، مطيريه يسكنون الهديّة قرية قرب بريدة، كانت شاعرة وعليها جمال، والجمال لابد ما يذكر مع الشعراء وغيرهم، كان فيه شاعر اسمه فرج بن عصيل، كان كثير الأسفار فأراد يوماً السفر فأوصاه واحد يدعى مرزوق إذا طريقك على الهدية سلم على نوره الصنيدح، وهذا كلامه علانية ليست على شيء وانما مزاح، فقال أبيات ذمها وذم والدها من غير معرفته لهم، ونقلت لها وهي: قال لي مرزوق خلّب ما تمرّه يذكرونه منزله فوق الهديه قلت بنت اللاش ما فيها مسرّه بايعٍ حقي عليك ببيشليه (1) لو تلبس بالذهب تصير درّه ما تهقواها ولا تطري عليّه سمعتها وأضمرت أن تمكر به اذا جاء إلى الهدية فأوصت واحدا من أهل البلد يعزمه وحده على القهوة من دون حضرة أحد يرسل عليها الخبر، وأيضاً يتجاهلها صاحب المحل أنه لا يعرفها، وفعلاً حصل يوم صدفه وعزمه، وأرسل عليها حسب الاتفاق، تجملت زيادة على جمالها وطرقت عليهم الباب وسألها صاحب البيت من الطارق، فقالت إذا هو عندك فرج بن عصيل أريده وإلا رجعت، فقال له: هل لك معرفة نساء أو قرابة، فقال: افتح ونرى، فدخلت عليه وملأت عينه بالنظر ومع لطافتها بالسلام عليه مصافحة له، وقالت: أبرك الأيام هذا اليوم لي مدة أتمنى شوفتك، وحضر المبارك واسمع مني: يا مرحبا يافريج ترحيب غايب أهله مشافيقٍ على شوف زوله نرمي الغطى لرضاك كان انت هايب واعرف ترى قلب الخطى طق جوله وقلّب مجاديلٍ سوات الرطايب اللي على زين الرشوش (2) معموله افتكر مع المفاجأة وأنكر الموضوع؛ لأن بداية العشق لا تأتي جميعاً أجابها بأبيات ارتجال: يا بنت ما والله بعمري غصايب يقطعك ياشيءٍ تعدّى حلوله من حج بيت الله عن الشين تايب درب الرداء يابنت مابه مطوله فقالت وهي متأسفه وتتأوه: أرجيك لا تدعي قليبي حطايب أرمي هدومي ثم أروح مهبوله لابد ما تركز علينا النصايب وكلٍ يذكّر ما جرى من فعوله فانصرفت وهي تصفق كف بكف، وتقول: وا أسفاه على ما مضى مني أتمنى أشوفك وهذا جزاء منك. وبعدما خرجت، سأل صاحب البيت من هي فقال لا أعرفها، ولو أنا مكانك ما هذا جوابي لها، أتجاوب معها بما يسرها، حيث أهدت عليك نفسها، ولو أشرت لي أخرج عنكم خرجت من بيتي ففتن المذكور فيها وكثر فيها من الأشعار يرسل عليها يستعطفها، منها يقول: الصبر منّي يا اريش العين كمّل والحروه إن الدوب (3) يبدأ بحالي كل عليه ذنوب محدٍ مهمّل وأنا إن تنيت اسبوع واعزتالي أيضاً يقول فيها: ياونتي ونّت خلوجٍ تحنّي ردوا ولدها وإجلبوها بالأسواق وراك يالغالي تخوّفت منّي حطّيت من دوني رواصيد وارفاق يا ضامر السرجوف حبك محنّي بينٍ (4) طرق لي ما طرق كل عشّاق وعندما تبيّن للناس أوصت له فقالت: مالي فيه نظر ولا قصدي إلا إنّه يكذّب جوابه الماضي، حيث إنه سبني وسب أبي وهو لايعرفنا حق المعرفة وحصل المطلوب والان تبيّن للناس وكذّب نفسه وستر الله علي وعليه. **** (1) بيشليه: عملة قديمة مثل الهللة أو القرش (2) الرشوش: الطيب (3) الدوب: المرض (4) بينٍ: مرض سعود بدر المقاطي (*) من آدابنا الشعبية في الجزيرة العربية .. تأليف: منديل الفهيد