عاد الهدوء إلى العالم الإسلامي أمس السبت بعد موجة غضب دامت أربعة أيام؛ احتجاجاً على الفيلم المسيء للرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن المظاهرات المناهضة للفيلم استمرت أمس في عدة دول أوربية وإسلامية وعربية. حيث شارك مئات في احتجاجات في أكبر مدن استراليا أمس ورشق البعض الشرطة بالحجارة والزجاجات مع اتساع نطاق الغضب حيال فيلم مسيء للإسلام. وبدأت الاحتجاجات بمشاركة نحو 200 أمام القنصلية الأمريكية في سيدني ثم ارتفع لأكثر من مثليه، وبدا ان المتظاهرين الذين ساروا بوسط المدينة اخذوا الشرطة على غرة. وفي أمريكا, رفض الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس السبت أي إساءة للإسلام لكنه قال انه لا يوجد عذر للهجمات على السفارات الأمريكية، مشددا على انه لن يتسامح أبدا مع مساعي إلحاق الضرر بالأمريكيين. وقال أوباما في خطابه الإذاعي الأسبوعي «لقد أوضحت ان الولاياتالمتحدة لديها احترام عميق لاتباع جميع الديانات, ومع ذلك لا يوجد أي تبرير للعنف, ولا يوجد عذر للهجمات على سفاراتنا وقنصلياتنا». وبدأت واشنطن نشر قوات لمواجهة تظاهرات معادية للأمريكيين أسفرت عن عدد من القتلى الجمعة في صفوف المحتجين على بث فيلم مسيء للإسلام انتج في أمريكا. وقد أرسلت واشنطن حتى الآن مائة من مشاة البحرية الأمريكية (المارينز) إلى ليبيا حيث قتل السفير الأمريكي كريس ستيفنز الثلاثاء مع ثلاثة موظفين آخرين، والى اليمن حيث قتل أربعة متظاهرين الخميس بعدما دخل محتجون السفارة بالقوة. من جهتها حددت السلطات الليبية أمس السبت هوية 50 شخصا تورطوا في الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي الذي قتل فيه السفير وثلاثة أمريكيين آخرين. وقتل السفير الأمريكي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين عندما هاجم مسلحون القنصلية ومنزلا آمنا في المدينة التي تقع في شرق البلاد مساء الثلاثاء الماضي. وقال مسؤولون ليبيون إنه حتى الآن ألقي القبض على أربعة أشخاص ويجري استجوابهم. وقال المتحدث باسم اللجنة الأمنية العليا في ليبيا عبد المنعم الحر انهم يعلمون أن 50 شخصا شاركوا في الهجوم وان لديهم أسماء ويعرفون من هم لكن ربما كان هناك آخرون. وأضاف انه تم إلقاء القبض على أربعة وربما هرب آخرون عن طريق مطار بنغازي يحتمل إلى مصر لكن هذا لم يتأكد. وقال انهم أعطوا أسماءهم لجميع النقاط الحدودية الليبية. أما في ألمانيا, فقال أيمن مازيك رئيس المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا إن الهجمات على سفارات غربية يعد بمثابة هجوم على الديمقراطية في الدول الإسلامية. وفي مقابلة مع مجلة «فوكوس» الألمانية الصادرة غداً الاثنين قال مازيك إن جماعات متطرفة تستغل الفيديو «للاستفزاز وإذكاء الكراهية وزعزعة الديمقراطيات الشابة». وأضاف مازيك أن متطرفين استغلوا الفيديو المسيء للرسول الكريم للهجوم على سفارات غربية. وفي دول الشرق الأوسط, رفضت الحكومة السودانية طلبا أمريكيا لإرسال قوات أمريكية خاصة لحماية سفارة الولاياتالمتحدة في الخرطوم التي تعرضت مساء الجمعة لهجوم من قبل متظاهرين كانوا يحتجون على بث فيلم مسيء للإسلام، كما ذكر مصدر رسمي السبت. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) عن متحدث باسم الخارجية السودانية قوله ان «الحكومة الأمريكية أبدت رغبتها في إرسال قوات خاصة لحماية سفارتها بالخرطوم علي خلفية الاحتجاجات التي سادت معظم دول العالم الإسلامي»، مضيفا ان وزير الخارجية السوداني علي كرتي «اعتذر عن استقبال هذه القوات». وأوضح المتحدث ان واشنطن أبلغت الخرطوم بطلبها هذا خلال اتصال جرى الجمعة «بين مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية ووزير الخارجية» السوداني، الذي برر رفضه هذا الطلب بالتأكيد على «قدرة السودان علي حماية البعثات الدبلوماسية الموجودة في الخرطوم والتزام الدولة بحماية ضيوفها من منسوبي البعثات الدبلوماسية». بدوره عبر رئيس الجمهورية التونسية محمد المنصف المرزوقي عن استنكاره الشديد لما حصل مؤكدا ان هذا الوضع برمته غير مقبول بكل المقاييس. وقال المرزوقي إن «استفزازات» المجموعات الدينية المتشددة في بلاده «قد تجاوزت الخط الأحمر». وطالب في خطاب توجه به إلى التونسيين عبر التلفزيون الرسمي، الحكومة بأن «تتحمل مسؤوليتها كاملة في وقف هذا الخطر (السلفي) الداهم الذي أصبح لا يهدد فقط حقوقنا وحرياتنا التي اكتسبناها بعد صراع طويل وإنما أيضاً علاقاتنا الدولية وصورة بلادنا في الخارج ومصالحها الحيوية». وفي مصر, قرر المحامي العام الأول لنيابات وسط القاهرة حبس 54 متهما في أحداث مصادمات السفارة الأمريكية وميدان التحرير لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، فيما تم إخلاء سبيل 3 متهمين آخرين من سراي النيابة، وذلك من جملة 106 متهمين تم عرضهم على النيابة العامة من بين من تم إلقاء القبض عليهم في تلك الأحداث. وأمر النائب العام المصري بسرعة الانتهاء من التحقيقات، واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة التي من شأنها التوصل إلى هوية مرتكبي تلك الأحداث والمحرضين عليها، حيث يتابع النائب العام عن كثب وأولا بأول كل ما تسفر عنها التحقيقات مع المتهمين. من جهته, قال المحامي القبطي ممدوح رمزي أمس السبت إن وفدا يضم محامين أقباطا ومسلمين يعتزم ملاحقة صانعي الفيلم المسيء والتوجه إلى الأممالمتحدة لتقديم شكوى في وقت قريب لم يتحدد بعد. وأوضح رمزي، وهو عضو بهيئة الدفاع ضد ازدراء الأديان التي شكلها محامون أقباط أن وفد المحامين الذي سيتوجه للأمم المتحدة يضم محامين أقباطا منهم هو نفسه، ونجيب جبرائيل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، وعددا من المحامين المسلمين بينهم وكيل نقابة المحامين محمد الدماطي الذي سيتولى اختيار باقي أعضاء الوفد المسلمين.