سقوط نظام الأسد، الذي يعتبره نظام ولاية الفقيه في طهران «قلبه النابض» في الوطن العربي، وورقته الرابحة عالميا، لن يشلّ مخططات الإمبراطورية الفارسية في الخارج فحسب، بل سينعكس سلبا على الأوضاع الداخلية في إيران، بمضاعفات وجودية. إسرائيل ارتبكت وتشنجت وأخذ مسؤولوها يُمطرون شعبهم ودول العالم كافة بتصريحات متناقضة تفضح رعبهم من مجرد التفكير بسقوط نظام الأسد. ستكشف التحقيقات الأمنية المصرية، وربما اكتشفت، أن حزب الله اللبناني بالاشتراك مع الموساد الإسرائيلي، هما اللذان دبّرا مجزرة قتل 16 ضابطا وجنديا مصريا في سيناء. في نهاية 2008م اعتقلت السلطات الأمنية في مصر 22 من أصل 26 شخصا، شكلوا خلية لحزب الله اللبناني، للقيام باغتيالات واعتداءات إرهابية على مواقع سياحية وسفن تعبر قناة السويس. في 25 حزيران - يونيو 2012م، وقبيل إعلان فوزه في انتخابات رئاسة الجمهورية، لفّقت «وكالة أنباء فارس»، التابعة للحرس الثوري الإيراني، حواراً مع محمد مرسي، يمتدح فيه نظام ولاية الفقيه، ما لبث الرئيس المصري أن نفى الحوار، جملة وتفصيلا. قدّمت إيران لرئيس الجمهورية المصرية الجديد عشرات الدعوات لزيارة مصر، لكنه أهملها، وأكد، أكثر من مرّة، على وقوف مصر إلى جانب الثورة السورية. في 29 تموز- يوليو 2012م، زار وليد المعلم، وزير خارجية نظام الأسد، طهران، اتفق خلالها مع الإيرانيين على خطة عسكرية مشتركة واسعة النطاق للإجهاز على الثورة السورية، يُسهم فيها الحرس الثوري الإيراني، بالرجال والعتاد. بعد أسبوع من زيارة المعلم لطهران، وبُعيد أقل من يومين من مجزرة سيناء، في 7 آب- أغسطس 2012م بالضبط، سارع سعيد جليلي أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني وممثل المرشد الأعلى، للقاء بشار الأسد، مُكرراً التأكيد على أن بلاده لن تسمح إطلاقا بسقوط نظام الأسد. مجزرة سيناء، التي نفّذها حزب الله بالاشتراك مع عناصر فلسطينية من عملاء إيران في غزة، بمساهمة تقنية إسرائيلية، هدفها: استمرار إسرائيل في ممارسة الضغط على واشنطن كي لا تفكر بالتدخل العسكري، مع دول الأطلسي، لإسقاط نظام الأسد. إسرائيل تقول لواشنطن، عبر مجزرة سيناء، إن سقوط نظام الأسد سيخلفه نظاماً يفتح الجبهة السورية مع إسرائيل على مصراعيها. ومجزرة سيناء عيّنة بسيطة عما يُمكن أن يُولده سقوط نظام الأسد. إيران تؤيد إسرائيل وتتماهى معها في موقفها من نظام الأسد، لأن سقوطه يعني نهاية حزب الله اللبناني، وانكفاء نظام ولاية الفقيه على ذاته، واحتراق ورقة نظام الأسد من ملف مفاوضاته النووية مع الغرب، ما يؤدي إلى تبديد مخططاتها الإمبراطورية في الخليج العربي. أصوات «عاقلة» في نظام ولاية الفقيه، بدأت، منذ أشهر، تطرح أسئلة عن تأثيرات وإفرازات كينونية وجودية مُرعبة على النظام ومآلاته، ساعة سقوط نظام الأسد في دمشق. تعرف هذه الأصوات أنهم في السويد ينتحرون من الهدوء، وفي الولاياتالمتحدة من الضوضاء، وفي بنغلاديش من الذباب، وفي إيران وإسرائيل من الأوهام والخرافات. [email protected]