أخيراً وبعد طول انتظار تخلص أهالي مدينة الإسكندرية في مصر من كابوس اسمه «عمارة العفاريت» وذلك بعد مبادرة جريئة قام بها عدد من شباب المدينة لاقتحام العمارة الشهيرة بحي رشدي الراقي، التي استمرت مهجورة على مدار أكثر من 40 عاما، وترددت حولها قصص خرافية تناقلتها الأجيال حول وجود أرواح شريرة تؤذي كل من يحاول سكن هذه العمارة. وكانت المنطقة الموجودة بها العمارة مصدراً للرعب والخوف للأهالي الذين تناثرت بينهم شائعات حول أن هذه العمارة ملعونة بسبب بنائها على أنقاض مسجد تم هدمه، أو أن الأرض التي بنت عليها كانت مدافن لمجهولين ماتوا في حوادث قتل غامضة وأرواحهم معذبة تؤذي كل من يسكن العمارة. وهو ما جعلها تتحول إلى معلم سياحي يستهوي كل من يأتي للإسكندرية والذي يدفعه فضوله إلى رؤية «عمارة العفاريت». وترددت مؤخراً شائعة بأن العفاريت سيهدمون العمارة، مما استفز عدد من شباب الإسكندرية الذين دشنوا صفحة على موقع «فيس بوك» دعوا من خلالها إلى حشد عدد كبير منهم لاقتحام العمارة المذكورة والمبيت فيها، لتبديد كل المخاوف والشائعات التي تتردد حولها، والتي تؤكد أن كل من يسكن العقار يصاب بمكروه أو يموت أو يصاب بالجنون أو يجد أثاث منزله محطماً وملقى وهو بجانبه على الرصيف أو يرى أشياء مرعبة تجعله يفقد صوابه. وبالفعل تجمع الشباب في الموعد الذي حددوه صباحاً واقتحموا العمارة عن طريق فيلا مجاورة لها، ومنها إلى أول أدوار العمارة، ليتجولوا بعدها في طوابقها المختلفة ويلتقطوا صورًا تذكارية فيها، حاملين المصاحف ومرددين آيات القرآن الكريم وهتافات: «الله أكبر الله أكبر» وسط تشجيع أصدقائهم والمارة بالشارع، واستقر الشباب داخل العمارة لعدة ساعات، لتلحق بهم مجموعة أخرى في المساء، ويقرروا جميعًا المبيت بتلك العمارة ليثبتوا للجميع كذب الإشاعات التي أطلقت حولها. يذكر أن الروايات اختلفت حول تاريخ إنشاء العمارة وسبب هجر الناس لها، ومنها أن صاحب العمارة توفي بعد بنائها مباشرة واختلف الورثة على ملكيتها، لتظل دون سكان، بسبب الخلافات القانونية عليها من الورثة. لكن أقوى الروايات التي ذكرت أن العمارة بنيت عام 1961 وكان صاحبها الخواجة اليوناني بارديس الذى بناها وأحضر زوجته وأولاده الخمسة ليعيشوا فيها ولم يمر أسبوع حتى خرج في رحلة صيد هو وأولاده ولم يعد منها مرة أخرى، حيث غرق المركب بهم, واضطرت زوجته لبيع العمارة وسافرت لبلدها. واشتراها بعد ذلك محسن بك وهو صاحب محال أخشاب شهير في ذلك الوقت الذي قرر أن يؤجر الشقق ويعيش في إحداها، واستأجرت عائلة السيد ظريف شقة بالدور الأول وبعد يومين اندلع حريق هائل في الشقة دمرها تمامًا ومات السيد ظريف في الحريق فتركت العائلة الشقة وأغلقتها، أما الدور الثاني فاستأجره طبيب وقبل أن يفتح العيادة بعد أن جهزها وأدخل بها مكتبه ومعداته، مات بعد أن صدمته سيارة وهو يعبر الطريق. أما الدوران الثالث والرابع فاستأجرتهما شركة أجنبية ولم تمر أيام حتى تعرضت الشركة لخسائر فادحة فأفلست واضطر صاحبها للاستدانة دون جدوى وكان معرضًا للحبس فانتحر. ومنذ ذلك الوقت لم يحضر أحد ليسكن العمارة، وظلت خاوية حتى عام 1990، حيث جاء الساكن الجديد شاب على وشك الزواج واستأجر الدور الثاني وأحضر العمال لتجهيز الشقة، وكانوا يسمعون أصواتًا عجيبة تصدر من الحمام والأغرب أنهم بعد أن أنجزوا أعمالهم بالشقة حضر العريس لاستلامها فوجد بقعًا حمراء على الحوائط ولكنه لم يهتم لأن الفرح كان بعد ساعات، وفي منتصف الليل حضر العريس وعروسه بعد الفرح ودخلا الشقة وبعد دقائق وجد الجيران العريس وعروسة في الشارع نائمين ومغمى عليهما فتجمع الناس حولهما، وحكى العريس وعروسه ما لم يتخيله بشر.