لن يهتم الطالب غالبًا بالتحقق من مدى واقعية درس القراءة الذي يتحدث عن مرحلة زمنية بالغة التحديد يتوَّقف فيها الشتاء بأمطاره الغزيرة ويحين فيها الربيع بأزهاره النضيرة، ولن ينبته لحقيقة أن المنهج الدراسي يصور المناخ بطريقة افتراضية لا علاقة لها بواقعه البيئي القائم، فالمواسم الأربعة تبدو أشبه ب 4 مشاهد مسرحيَّة تتغير بمُجرَّد إغلاق ستار وفتحه ليتغير معها الديكور والأجواء كليًّا في كلِّ مرة، وهو ما يعني ببساطة أن طالب مدينة الرياض الذي سيخرج من المدرسة في درجة تناهز الخمسين المئوية سيشعر بأن ثمة مشكلة جدِّية في الدروس التي تخبره عن الجو العليل لهذه الفترة من السنة، وبالتالي فسيفكر بالجدية نفسها في أن الأفكار التي يفترض به استيعابها تحدث غالبًا في مكان آخر، وأن محاولته العودة إلى الطقس اليومي للمملكة لمذاكرة أي درس يتعلّق بفصول السنة الأربعة، قد تكون فكرة غير مضمونة النجاح. العودة من الإجازة الصيفية تكون متزامنة مع نهاية فصل الشتاء، كما أن الشهر الصحيح لبداية فصل الربيع هو سبتمبر وليس مارس كما تعارف عليه دوران الكرة الأرضيَّة حول الشمس، والعهدة فيما سبق على الكتاب المدرسي «لغتي» للصف الرابع الابتدائي الذي لم يكتف فقط بورطة التوقيت الخاطئ وإنما أيضًا تورط في لغة حالمة كان بامكانها أن تقترب أكثر من الواقع وهي تصف الأجواء الحقيقية ضمن سياقها الجغرافي والزمني الصحيح مع الإشارة لمتطلبات التعايش معها والعادات المترتبة عليها وفقًا لحكم العادة العملية والاجتماعيَّة، وهو ما سيكون من شأنه احترام عقل الطالب من خلال ربط الأفكار التي يقرؤها بطبيعة مشهده الحياتي العام.