لاشك أن الجميع يدرك أن قضية المخدرات أصبحت تشكل في الوقت الراهن احدى أكبر المعضلات التي تعاني منها جميع دول العالم ،وصارت هاجسا يؤرق المجتمعات والشعوب ليل نهار، وتمثل تحديا يستنزف الكثير من الطاقات والوقت والمال والخطط ،ويكلف الكثير من الأرواح ،فضلا عن استهداف عقول الشباب والتأثير على صحتهم ومستواهم التعليمي ومستقبلهم . ومن المعلوم أن الحروب المعاصرة لم تعد تقتصر على الغارات العسكرية والقنابل الذرية ، والمواجهات الميدانية ، بل هناك حروب هادئة بعيدة المدى والتأثير، فقد تخلف الحروب على المستوى البشري جنوداُ معاقين، ولكن تبقى العقول سليمة فتجدهم يشاركون مجتمعاتهم بأفكارهم وخبراتهم ولا تنتهي عجلة مساهمتهم في البناء والتطوير بمجرد تعرضهم لأي نوع من الاعاقة بسبب الحروب، ولكن يظل إسهامهم الإيجابي واضحا وفاعلا مهما كانت إصابتهم طالما العقول في مأمن . ولكن عندما تشن الحرب على عقول شباب الأمة فهنا تختلف المعادلة تماماً وقد تكون الضحايا أجسادهم سليمة ولكن تكون عقولهم وبالاً على بلادهم ، بل ربما تصبح معاول هدم لكيان الأمة، فما يدير هذا الجسم ويتحكم في تصرفاته هول العقل، ومن هذا الباب أتت الحرب التي يستخدمها أعداء الأمة فهي حرب سرية تدار في الخفاء وبدهاء وحرفية عالية ،تستهدف شبابنا ، فلذات أكبادنا ، إن أكثر من يعرف حقيقة هذه المعارك وشراستها وأضرارها وأسرار قواعد لعبتها هم رجال مكافحة المخدرات بصفة خاصة ،ورجال الجمارك وحرس الحدود والأجهزة الأمنية الأخرى بشكل عام، الذين لم يتوانوا لحظة في التصدي لهذه الحرب فكبدوا ولله الحمد أعداء الأمة خسائر فادحة وقدموا الشهداء والدماء الزكية وما زالت الهجمة الشرسة مستمرة ،والمحاولات تتكرر ، والخطط تتجدد وتتطور في استهداف جيل الغد ،ولكن يبقى من الواجب ومن الضروري تنوير وتثقيف المجتمع بأخطار آفة المخدرات وتقع هذه المهمة على عاتق كافة المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية حتى يمكن تطويق هذه المشكلة والحد منها، من خلال التوعية والتبصير، عبر وسائل الإعلام الفاعلة حتى تصل التوعية مداها المطلوب وتخاطب الشرائح المستهدفة كافة ، وينبغي تكثيف البرامج التوعوية وإعدادها بعناية تجمع ما بين الجذب والتبصير العميق حتى يقف الشباب والمراهقون على حقيقة تلك الأوهام التي يحاول المروجون خداع الشباب بها وإيقاعهم في براثن التعاطي ثم الادمان القاتل. حفظ الله بلادنا من كل سوء ، وحفظ وولاة أمرنا وأيدهم بنصر من عنده على كل عدو لله والوطن والمواطن، وحمى الله شبابنا ومجتمعنا من شرور تلك الآفة المدمرة وأعان رجال مكافحة المخدرات على حماية المجتمع وصون عقول أبنائه من أضرار تلك السموم القاتلة خدمة للدين والوطن، إنه ولي ذلك والقادر عليه. (*) رئيس مجلس أمناء مؤسسة الشيخ زيد بن غنيم