يبدو أن الأزمة السياسية الحادة بين الأحزاب المؤلفة للترويكا الحاكمة في تونس، قد برزت للعيان بحدة بعد التصريح الصريح للرئيس المنصف المرزوقي بأن حركة النهضة الإسلامية تسعى الى السيطرة على كامل مفاصل الدولة. وقال المرزوقي في كلمته الافتتاحية للمؤتمر الثاني لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية: «مما زاد الطينة بلة الشعور المتفاقم بأن إخواننا في النهضة يسعون للسيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية أنصارهم توفرت فيهم الكفاءة أم لم تتوفر وكلها ممارسات تذكر بالعهد البائد». بهذه الكلمات النارية التي تلاها أحد قيادي المؤتمر بالنيابة عن الرئيس المرزوقي، فتح الباب أمام توتر كبير طغى على أعمال المؤتمر الثاني للمؤتمر التي قاطعها أعضاء حركة النهضة في حركة احتجاجية على تصريحات المرزوقي المستفزة، فيما قابلها زعيم النهضة الشيخ راشد الغنوشي ببرودة أعصاب غريبة مصحوبة بابتسامته التي لا تفارقه. الغنوشي عرف كيف يجيب المرزوقي دون أن يسيئ الى مقامه حيث قال في كلمته: «المرزوقي رئيسنا ونعتز به وهو مناضل حقوقي أصيل وصاحب رأي لكنه اليوم في موقع حساس كممثل لمنصب سيادة في الدولة والتمييز بين الصفتين صعب لذلك نحن نختلف معه عما قاله وهو لا يعبر عن رأي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية». أما رئيس المجلس الوطني التأسيسي فكان أكثر وضوحاً ودقة من الغنوشي حيث أكد أن بعض القوى تعمل وكأن انتخابات اكتوبر 2011 لم تحصل مضيفاً أن إستراتيجية ضرب النهضة فشلت وستفشل, مشدداً على أن النهضة هو الحزب الأكبر في الساحة والذي له أكثر شعبية وله موازين قوى ما بعد الانتخابات. ومن المؤكد أن أزمة سياسية كبيرة ستعصف بالترويكا أسابيع قليلة قبل عرض مسودة الدستور على أعضاء المجلس التأسيسي, بسبب تصريحات المرزوقي. ويذكر أن العلاقة بين المرزوقي وحكومة حمادي الجبالي قد شهدت فتوراً كبيراً خاصة بعد تسليم رئيس الحكومة لآخر رئيس وزراء في عهد القذافي البغدادي المحمودي الى السلطة الليبية الحالية دون استشارة رئيس الدولة. وكرد فعل غير منتظر أقال المرزوقي محافظ البنك المركزي دون الرجوع الى رئاسة الحكومة مما أكد فكرة وجود أزمة سياسية خانقة صلب الإئتلاف الحاكم.