فكرة إقامة المقهى الثقافي الشبابي الذي نظمه نادي تبوك الثقافي الأدبي وأسدل الستار على فعالياته نهاية الأسبوع قبل الفارط هي فكرة خلاقة من قبل أعضاء مجلس إدارة النادي الأدبي في ثوبه الجديد؛ فقد نجح المقهى في تجسير الفجوة بين الشباب والمثقفين من خلال الاهتمام بالقضايا الفكرية والثقافية المعاصرة وطرحها للحوار والمناقشة من خلال لقاءات حميمية في جو مفعم بالفعل الثقافي الممزوج بنكهة بيئتنا السعودية، وكذا التأكيد على الهوية الثقافية الأصيلة لبلادنا المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- والمشاركة في التعريف بما تعيشه المملكة من نهضة فكرية وثقافية وحضارية شاملة. وقد ساهم المقهى طيلة لياليه في تبني «الحوار» كأسلوب علمي وسلوك حضاري يساهم في التقارب الفكري بين الأجيال وتقريب وجهات النظر المتباعدة حول بعض الأفكار والمواقف وتعويد النفس حسن الاستماع إلى الآخر وحسن الظن به وتلمس موضع الصواب عنده والأخذ بما روي عن الإمام الشافعي الذي جاء في قوله: «ما ناظرت أحداً فسرني أن أظهر عليه». كما ساهمت ندوات المقهى ومحاضراته وأمسياته في تسليط الضوء على من ابتعد عن الفعل الإعلامي ليمنحه «نافذة» يطل من خلالها على شريحة هذه المقهى التي حرصت على الحضور والتفاعل والمداخلة، كما كان فرصة حقيقية للواعدين في مجالات الإبداع الأدبي المختلفة الرواية والقصة والشعر والإعلام فرأينا الشباب الناشئين في رحاب الأدب قد وجدوا تربة صالحة لموهبتهم في ردهات ذلك المقهى. وسأبيح لنفسي أن أقول بأن هذا المقهى هو إجراء عاجل لإنعاش جسد الثقافة التبوكية الذي يعاني من «القصور» و»التقصير» تجاه القضايا الفكرية والثقافية؛ فقد جاء هذا المقهى كطوق نجاة لاستقبال محبي الثقافة ومريدي المطارحات الفكرية وعاشقي «الحوار» في ظل الغياب الكبير الذي تسجله المؤسسة الثقافية عن دورها الحقيقي تجاه الناشئة الطامحين إلى التواصل مع المثقفين المتعطشين إلى نثر إبداعاتهم في كل المدى للمساهمة في صياغة مشروعنا الثقافي الوطني. وكم ينتابنا الحبور ونحن نرى نادينا الأدبي، وقد أشرع أبوابه وفتح ذراعيه لكل المبرزين من أصحاب المداد ليقف النادي شامخا متشحا بالبهاء مميطا اللثام عن وجهه المشرق المجلل بالفرح والعطاء ومؤذنا بمرحلة انتقالية أخرى يقدم فيها لمشهدنا الثقافي العديد من الأسماء والرموز من الأدباء والأكاديميين والمبدعين من الشعراء والروائيين والقاصين والإعلاميين. يحق لنا أن نقف مع هذه التجربة الوليدة فرحين مهللين نسكب حولها الماء ونغدق لها الرواء ونستعجلها في أن تشتد لتكون أكثر نمواً وعطاءً ولعل الإرهاصات الثقافية التي رافقت تفاصيل هذا المقهى تنبئ عن انبلاج صبح ثقافي تبوكي جديد. ماجد بن ناشي العنزي