عندما نقرأ كلمة (عيد) عبر وسائل الإعلام المختلفة من مقروءة ومسموعة ومرئية، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر رسائل الهواتف المتحركة، وعبر اللافتات المنتشرة على جنبات الطرق والشوارع والميادين والحدائق والمتنزهات داخل المدن والقرى في أنحاء بلادنا المترامية الأطراف كافة، فإنها تمر على مسامعنا وأبصارنا مرور الكرام، حيث إن بعضاً منَّا لا يلقي لهذه الكلمة أي اعتبار ولا يُعيرها أي اهتمام، إلا أنها في الواقع الملموس والمحسوم تحمل بين طياتها وجنباتها معاني سامية، فهي شعيرة إسلامية كبيرة، وهي تُعدُّ من وسائل التعبير عن المشاعر وعن الفرح والسرور والبهجة والسّعادة بهذه المناسبة الغالية، التي تتحلى بالعبارات الجميلة التي تتردد على الألسن وتلوح في سعة الأفق الممتد عبر البصر في الفضاء البعيد، محدثة دوياً في جوء السماء تفيض منه أزكى عبارات الود والحب والعطف والحنان. يا لها من كلمات ساحرة تنعش في النفوس البشرية فعل الخير وتنشره في كل مكان بشوق ولهفة. وما هي إلا مدلولات في هذه الأيام المباركة التي يكبر بينها الحب والأمل معاً، وتنمو الطموحات وترتفع ويصبح للمشاعر والأحاسيس لساناً يشكر الله ويرضى ويطلب المزيد والمزيد من رب العباد ورب هذا الكون الفسيح بأن تتآلف القلوب، وتتصاف النفوس، وتزول الرواسب والأحقاد بشتى أشكالها وأنواعها عن القلوب، وتتعانق الرقاب وتتصافح الأيدي مع القلوب على المحبة والمودة، وتزداد المشاعر والأحاسيس مع النفوس، ويصبح الناس كلهم إخوة في العقيدة متحابين ومتآلفين متكاتفين متعاونين فيما بينهم على أبواب الخير بشتى صوره لا فرق بين هذا وذاك. فالنفوس تقبل دائماً على فعل الخير ونبذ الشر وتحب أن تتأسى بمن حولها من النماذج العظيمة القريبة من بيئتها وزمنها، فكيف إذا كانت تلك النماذج سبباً للثبات على الحق وعوناً على الخير وأبوابه ونبراساً على طريق الهداية والصلاح، ووسيلة على نبذ الخلافات المتجذرة من النفوس في هذه الأيام المباركة والفضيلة حتى تعود المياه إلى مجاريها بصفحات بيضاء خالية من أي شائبة تعكر لونها. حيث إنها من أنجع الأساليب والطرق في تعديل سلوك المرء وتطويره ورقي فكره وعقله، حيث إن الكلمات الجميلة التي يتبادلها النَّاس هذه الأيَّام السّعيدة تنفذ إلى القلوب وتحرك المشاعر وتفجر في روح المؤمن طاقة حية عالية تشده شداً محكماً، فالواجب على المرء أن يبحث عن أواصر عرى المحبة والتآلف والتكاتف التي هي قريبة من كل شخص منا بل هي في صميمنا ولكن أفكارنا التعيسة سيطرت عليها. يجب على الفرد أن يكون بشوشاً سعيداً متواضعاً محباً للآخرين يبادلهم أصدق المشاعر وأزكى العبارات من الاحترام والتقدير، كما قال نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ((خالق النَّاس بخلق حسن)). كن طلق اليد سريع المد عند المصافحة سريع الرد في تبادل عبارات التهاني حتى تنشر الفرحة والسرور والبهجة على غيرك. إذ تنثر في المجالس شعوراً حسناً وبشاشة طيبة وطلاقة وجه باسم، عامل الناس بما تحب أن يعاملوك، تخلق بخلق الرسول صلى الله عليه وسلم، عود نفسك على التواضع والعفو والتسامح واحترام الآخرين حتى تكتسب محبتهم ومودتهم ويصبح المرء في تلك الحالة قد حقق ما تهدف إليه كلمة (عيد) من ألف معنى وتصبح المقولة صحيحة وبليغة، العيد فعلاً وقولاً. وفي الختام أرفع أسمى عبارات التهاني وأزكى عبارات التبريكات إلى مقام والدنا وقائدنا وباني نهضتنا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهم الله- من كل سوء ومكروه. - الرياض