مظاهر عيد الفطر كثيرة، وكلها تدور في إظهار الفرح والسعادة والبهجة بهذه المناسبة الكريمة التي تعقب شهر الصوم. ومن أبرز مظاهر العيد قديماً وحديثاً التي يجتمع عليها الناس هي ما يطرح الأهالي صبيحة يوم العيد من وجبات وأصناف منوَّعة من الأكل، يتفنن أهل كل بيت في طبخها في تقليد معروف باسم العيد، وهذا التقليد الطيِّب كان له حضور في الأمثال المرتبطة بالعيد في القديم. فمن الأمثال الظريفة التي ترتبط أول الأمر بالعيد ثم أصبحت مثلاً شائعاً، قولهم (معيد القريتين مسني) أي جائع، يوضح هذا المثل المثل الآخر الظريف وهو قولهم (مثل كالف منفوحة ضيع العيدين) والكالف هو الفلاح، وقصة هذا المثل أن أحد الفلاحين في منفوحة أحد أحياء الرياض الآن والذي كان في الماضي بلدة قريبة من الرياض أراد أن يتعيد في الرياض لأن عيدهم -بزعمه- أفضل، وأكثر في أصناف الطعام، فلما وصل الرياض وجدهم قد أكلوا العيد، وفاته كل شيء(!).. ثم عاد أدراجه إلى جماعته في منفوحة فوجدهم قد انتهوا من طعام العيد أيضاً، فلم يوفّق لحضور أي من العيدين فصار مثلاً. وقد كان برنامجهم في العيد سابقاً يبدأ بعد أداء صلاة الفجر، فبعد العودة من أداء صلاة الفجر، يأكل أحدهم تمرات ثم يأخذ أهل بيته أو أغلبهم، ثم يذهبون إلى مصلى العيد خارج البلدة، وبعد أداء الصلاة يعود إلى البيت وقد وجد أهل بيته جهزوا له وجبة دسمة، ويذهب بها إلى المسجد أو السوق بحسب ترتيب الأهالي، ثم توضع الموائد والأطعمة، وتكون طريقة الأكل هي التنقّل بين الصحون والأطعمة، وعدم البقاء أمام طعام واحد، ويصاحب هذا التنقّل مداعبة ومزاح في المفاضلة بين طبخ فلانة وفلانة، وسبب أن طبخ المنزل الفلاني أطيب راجع لطيب الرجل مع أهله وبالتالي أبدعت زوجته في الطبخ، وغير ذلك مما يدخل في باب المزاح والمؤانسة. وأما الأطفال فلهم احتفاليتهم الخاصة في مثل هذه المناسبة، فهم يجولون بين المنازل ويطرقون الأبواب طلباً للهدايا من حلويات وغيرها مرددين بصوت جماعي (أبي عيدي عادت عليكم). هذا في الماضي، أما في عصرنا الحاضر وتحديداً في العاصمة الرياض فقد تطوّرت مظاهر الاحتفال مع بقاء العنصر الأساس وهو إبراز مظاهر الفرح والسرور وتولى القيام بهذه المظاهر جهات حكومية بإمكانات مالية وبشرية كبيرة؛ فتقوم أمانة العاصمة بتوجيه كريم من صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض لقيام أمانة مدينة الرياض بترتيب احتفالات العيد وفي أغلب أحياء مدينة الرياض، حيث تتجدد مظاهر الاحتفال في كل عام وبمزايا جيدة وبمظاهر جديدة، وأيضاً يقام في أغلب مدن وقرى المملكة وفي العاصمة الرياض يقام عدة احتفالات يحضرها المسؤلون وجموع غفيرة من المواطنين والمقيمين - كل هذا لإدخال السرور على المواطن والمقيم.. كما أن ولاة الأمر في المملكة اعتادوا بعد صلاة العيد أن يذهبوا لزيارة كبار العلماء في منازلهم منذ عهد الملك عبد العزيز وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، كما أشار إلى ذلك الدكتور عبد الرحمن الحمودي، نائب رئيس المراسم سابقاً في كتابه الدبلوماسية والمراسم السعودية، حيث ذكر أن الملك فيصل -رحمه الله- بعد صلاة العيد يذهب لزيارة المفتي والشيخ عبد العزيز بن باز، والشيخ عبد العزيز أبو حبيب الشثري، كما أني حضرت زيارتهم لوالدي معالي الشيخ ناصر أبو حبيب الشثري، فلقد رأيت في مجلس الوالد الملك خالد والملك فهد والملك عبد الله والأمير سلطان والأمير نايف والأمير سلمان رحم الله الأموات وحفظ الأحياء. هذا، ونسأل الله أن يحفظ بلدنا من الحاقدين من أصحاب العقائد المنحرفة الذين ينعمون بخيرات بلدنا ويسعون في الأرض فساداً، وفَّق الله الجميع إلى كل خير، وحفظ الله ولاة أمرنا وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الكريم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . وكل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك.