أبعاد التضامن الإسلامي في فكر المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله: نشأ مؤسس المملكة العربية السعودية وموحد أرجائها عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- في بيت دين وعلم وخلق، منحه منذ صغره ثقافة إسلامية عريقة ومتنوعة، فقد كان والده عبدالرحمن إماماً داعياً وزاهداً في أمور الدنيا، وملتزماً بتعليم أولاده شؤون دينهم وإعدادهم لتسلم الراية الدينية والدنيوية من بعده. وهذه التنشئة الإسلامية الأولى لازمت الملك عبد العزيز طوال حياته، كان الاتجاه الديني هو محور تفكير الملك عبد العزيز في دعوته إلى التضامن الإسلامي بعد توحيد المملكة واستقرار الأمن في أرجائها؛ ففي مناسبة الحج سنة 1345ه قال: «إنني أدعو المسلمين إلى الاعتصام بحبل الله والتمسك بسنة رسول الله»، قال تعالى: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[ آل عمران:آية 103 ]. وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) سار الملك سعود بن عبد العزيز رحمه الله في مدة حكمه التي امتدت من عام 1953م حتى عام 1964م على نهج والده في الاهتمام بالتضامن الإسلامي، وكانت مبادرة الملك فيصل في عام 1965م في إنشاء حركة إسلامية للتضامن الإسلامي على أعلى المستويات الرسمية تتوافق أولاً مع نظرته للعالم التي تعطي مركزاً عالياً لفكرة الوحدة الإسلامية والترابط بين أبناء الأمة الإسلامية الواحدة، وثانياً مع انضواء هذه الفكرة في العصر الحديث في نطاق أشكال من التعاون بين الدول الوطنية ذات السيادة وفي ظل النظام العربي القائم الذي أشرنا إليه آنفا. وكان الملك فيصل حدد أهداف التضامن الإسلامي في ثلاثة أسس رئيسة: 1) التضامن الإسلامي رسالة دعوية ذات ميزة خاصة. 2) الدعوة الإسلامية. 3) وضع أسس إنشاء منظمة سياسية إسلامية عالمية من شأنها خدمة المسلمين، ويشمل نفعها العالم والبشرية جمعاء أثمرت هذه الدعوة ثماراً جيدة أرست قواعد ثابتة للتضامن الإسلامي مما جعل منظمة المؤتمر الإسلامي أهم منظمة إسلامية فاعلة في مختلف أرجاء العالم، وتحاول المملكة دعم التضامن الإسلامي بالتعاون مع منظمة المؤتمر الإسلامي عبر التعامل الواقعي مع المعطيات القائمة في الدول الإسلامية وفتح آفاق جديدة للتعاون السياسي والاقتصادي والثقافي بين هذه الدول وتطوير عمل منظمة المؤتمر الإسلامي وأدائها العوامل المستجدة في أثر المملكة لدعم التضامن الإسلامي في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز رحمه الله: بعد أن انتقلت مقاليد الحكم إلى الملك خالد بن عبد العزيز تابع مسيرة أسلافه في دعم التضامن الإسلامي، وذلك بخصوصية يجدها المرء بالدرجة الأولى في زيادة المساعدات والمعونات الاقتصادية التي تقدمها المملكة إلى الدول الإسلامية وبخاصة من خلال البنك الإسلامي للتنمية والصندوق السعودي للتنمية التضامن الإسلامي في عهد الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله: منذ توليه مسؤولية الحكم والملك فهد رحمه الله يتابع الدعوة للتضامن الإسلامي، ويدعم مؤسساتها، ويضيف إلى الإجراءات السعودية السابقة إضافات نوعية تتمثل في إسهامه في حل المشكلات السياسية والاقتصادية في بلدان العالم الإسلامي ورعاية الأقليات المسلمة ودعمه للمنظمات والمراكز الإسلامية وتشجيعه على إنشاء المعاهد والمساجد والجامعات الإسلامية، وكان الملك فهد أكد مع بداية تحمله لمسؤولية الحكم علاقة الأخوة والتعاون مع العالم الإسلامي التضامن الإسلامي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز: ولا زال حفظه الله ورعاه يتابع الدعوة للتضامن الإسلامي، ويدعم مؤسساتها، ويضيف إليها إضافات نوعية في شتى المجالات. ومن هذا المنطلق دعوته إلى قمة مؤتمر مكة الإسلامي في تاريخ 26 -27 -9 -1433ه أن التضامن الإسلامي هو أهم ركيزة من ركائز السياسة الخارجية السعودية، وأن المفهوم الشامل للتضامن الإسلامي لدى القيادة السعودية يرتبط بالدعوة إلى توحيد كلمة المسلمين ودعم كل ما يساعد على تحقيق ذلك من خلال المؤسسات القائمة، وأهمها منظمة المؤتمر الإسلامي والمنظمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية التابعة لها ورابطة العالم الإسلامي، والمعونات التي تقدمها المملكة للدول الإسلامية وللأقلياالمسلمة في بلاد العالم، والمشاركة في الحوار المعاصر للحضارات العالمية. فمنذ أن شاركت المملكة في إنشاء رابطة العالم الإسلامي في نهاية عام 1962م وهي تبذل الجهود لخدمة الدعوة الإسلامية والتضامن الإسلامي وقضايا الشعوب والأقليات الإسلامية وإقامة المساجد ورعاية النشر وشرح أمور الدين وتعزز التعاون الاقتصادي بين الدول الأعضاء وتتعامل بطريقة تدريجية ناجحة مع كثير من القضايا السياسية ولا سيما القضية الفلسطينية، وتثبت استقلالها عن تأثير المنظمات الدولية الأخرى أو التكتلات الدولية والقوى الكبرى.