إنه في (2) رمضان لهذا العام انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ/ عبدالله بن محمد بن عبدالله العبيدان إمام وخطيب جامع الطرفية الشرقية سابقاً وأحد أبناء البلدة البررة. وهو ليس فقيد أسرة العبيدان الكريمة، أو فقيداً لأهالي الطرفية فحسب، بل هو فقيد لكل من عرفه داخل منطقة القصيم وخارجها. فقد كان شيخاً فاضلاً وعالماً جليلاً وإنساناً متواضعاً وكان يمارس القراءة (الرقية الشرعية) على المرضى والزائرين من رجال ونساء وأطفال؛ سواء في من داخل القصيم أو من أنحاء المملكة وحتى من دول الخليج؛ لما لقراءته -يرحمه الله- من أثر وفائدة بقدرة الله تعالى وكونه لا يأخذ ولا يشترط أي مبلغ مالي مقابل ذلك، بل يرد الأعطيات والهبات من المستفيدين من قراءته بعد أن شفي الكثير منهم بعد مشيئة الله وتدبيره وتوفيقه. فهذا الرجل كما أعرفه منذ ثلاثين عاماً يحمل صفات قلّ أن تجدها في زمننا اليوم، فهو اتصف بالعلم والحلم والصبر والرفق والستر والتواضع والوقار والكرم. ومنزله في الطرفية دائماً تكون أبوابه مفتوحة، فهو مضياف لكل من يحتاج القراءة أو المساعدة أو رجل مسكين عابر سبيل ليس له عائل فيقيم عنده أيام حتى تتيسر أموره. ولو أردنا أن نذكر كل ما نعرفه عن هذا الشيخ الفقيد من الخصال الحميدة والأعمال النبيلة وجهوده الخبّرة لما استطعنا أن نوفيه كامل حقه. ولكن بقدر استطاعتنا نذكر أنه كان لنا في مركز الطرفية سنداً كبيراً في حل وإصلاح كثير من المشاكل التي تقع بين المواطنين سواء في نزاعات الأراضي أو المشاكل الأسرية وغيرها فالمركز الذي أعمل به كان يستعين بالشيخ العبيدان عند اشتداد النزاع بين الأطراف، فسبحان الله عندما يحضر إلى المركز ويقابل الأطراف تنتهي كثير من المشاكل، وكأن شيئاً لم يكن، فله - رحمه الله - جهود كبيرة على البلدة من جميع النواحي. أما الأعمال الخيرية والتي شرفني أن أشاركه فيها من خلال توزيع الصدقات والزكوات على المحتاجين في البلدة وما حولها، وذلك قبل ثلاثين عاماً تقريباً، فعندما يأتي شهر رمضان المبارك يكلفني أن أذهب لأناس في مدينة بريدة يحبون الخير ويبذلونه لمن يعرفه ويعرفونه ويتم كتابة ورقة لكل منهم ومن هؤلاء الشيخ صالح السلمان يرحمه الله والشيخ عودة السعوي والشيخ عبدالله الراشد والكثير الذين لا تحضرني أسماؤهم. فيرسلون معي ما تجود به أنفسهم من أرزاق وأموال ويتم إيصالها للشيخ العبيدان لتوزيعها على المستحقين. والشيخ -يرحمه الله- كان لديه طريقة في توزيع الأرزاق بحيث لا يعلم الجار عن جاره أو أي شخص أنه استفاد من الصدقات أو التوزيع الخيري عن طريق السيارة. وعندما كنت أشاركه التوزيع أخبرته أنه أثناء توزيعي الصدقات وحدي ذات مرة أجد بعض المحتاجين لا يقبل هذه الصدقات، وأنا أعرف أنهم يستحقونها. فقال بكل دراية: هؤلاء هم المتعففون وعليك أن تضع هذه الصدقات والأرزاق على عتبة الباب وتقوم بضغط الجرس وعندما تسمع الإجابة غادر المكان بسرعة ولا تقع عينك على عينه، وبالفعل تم تطبيقها وتم إيصال هذه الصدقات لهم. كما أنه أثناء الغزو العراقي للكويت واستضافة المملكة لأشقائنا من الشعب الكويتي وكان لدينا أسر كويتية تم إسكانها في الطرفية، وكنا مع الشيخ نوزع ما يرد إلينا من الجهات الرسمية للكويتيين الذين كانوا يعانون من حالة نفسية نتيجة لفقدهم منازلهم ووطنهم وكنا نزودهم بما يحتاجونه. وقد كان للشيخ العبيدان كلام بليغ لكل رب أسرة من الكويتيين فيذكرهم أنهم في بلدهم الثاني وأن حكومتنا لن تقصر معهم ويجب عليهم التحلي بالصبر والدعاء بالفرج لهم من محنتهم. فكان كلامه مؤثراً على الأسر الكويتية وشكروا الشيخ وقرروا البقاء في الطرفية وعدم التغير عن المكان كما كانوا يخططون في ذلك الوقت. فرحم الله الشيخ العلامة الفذّ عبدالله العبيدان (أبوفهد) الذي كان مدرسة تعلمنا منها الكثير من الصفات الحميدة والخصال النافعة (كالعلم والحلم والرفق والصبر ومعاملة الناس ومعالجة كثير من القضايا بكل تؤدة وأريحية... إلخ). فحقاً إنه كان من جبال السنة - رحمه الله رحمة واسعة، وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان وأسكنه فسيح الجنان.. إنه سميع مجيب. محمد بن عبدالعزيز بن فهيد التويجري