دعونا نتساءل بداية عن إستراتيجية التوظيف السعودية التي استغرق إعدادها خمس سنوات 1425-1430ه منها عامان في الإعداد وعامان في اللجنة الدائمة للمجلس الاقتصادي الأعلى وعام كامل بين هيئة الخبراء واللجنة العامة بمجلس الوزراء حتى تم إقرارها وصدرت بقرار (360) وتاريخ 5-8-1430ه وتحمل رؤية تقول: توفير فرص عمل كافية من حيث العدد وملائمة من حيث الأجر تؤدي إلى توظيف كامل للموارد البشرية السعودية وتحقق ميزة تنافسية شيء جميل جداً المرحلة الأولى من الإستراتيجية مدتها سنتان يتحقق فيها هدف قصير المدى وهو السيطرة الكاملة على البطالة وتتضمن المرحلة (10) سياسات ولكل سياسة غاية وآليات ومؤشر أداء هدف جذاب يدعوا للتفاؤل وهنا نتساءل ها قد مضى على إنهاء المرحلة الأولى من الإستراتيجية أكثر من عام ماذا تم؟ هل تمت السيطرة على البطالة كما زعمت الإستراتيجية أو وزارة العمل؟ أم إن الإستراتيجية برمتها لم تطبق وما زالت حبيسة الأدراج والأرفف؟ فإن تم تطبيقها والعمل بالإستراتيجية ولم تحقق هدفها فتلك مصيبة، وإن لم يتم العمل بها فالمصيبة أعظم لماذا؟ حسنا إليكم الجواب المحزن. وصلت البطالة بنهاية شهر شعبان المنصرم إلى (60%) بحسب الأرقام والمصادر الرسمية أمر مخيف أليس كذلك؟ إليكم الحقائق والأرقام وصل عدد من تم تسجيلهم في برنامج حافز أكثر من مليوني باحث وباحثة عن العمل بحسب آخر تصريح لمدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية في برنامج (الثامنة) مع داود الشريان، بينما وصل عدد المستفيدين من الدعم المالي في البرنامج حتى نهاية شعبان (1.333.964) بزيادة مضطردة في آخر أربعة أشهر تتراوح بين (4-6) في المائة بحسب تصريح الصندوق في الصحف المحلية في المقابل تذكر إستراتيجية التوظيف أن حجم قوة العمل السعودية (8.03) مليون يشكل السعودية 48.6% من قوة العمل بينما يشكل الوافدون 51.4% من قوة العمل (ص 34 إستراتيجية التوظيف السعودية) وبهذا يكون عدد قوة العمل الوطنية (3.340.480)وبحساب عدد من تم تسجيلهم فعليا في برنامج حافز ونسبتهم من كامل قوة العمل الوطنية تصل إلى نسبة (60%) هل يمكن لأي عاقل أن يصف الأرقام والنسب بأي وصف سوى أنها مخزية ومخيفة. البطالة هي جدة الكبائر، لأنها تولد الفقر والعوز والعديد من الأمراض الاجتماعية مثل المخدرات والإرهاب، إحصائيات الجهات الأمنية تؤكد على أن معظم المسجونين من المواطنين العاطلين عن العمل المتهمين بقضايا كثيرة من أخطرها المخدرات. جدة الكبائر لأن العاطل يفقد ثقته في نفسه وفي قيم المجتمع كما أنها جدة الكبائر لأنها تصيب مجتمع الناشئة بالإحباط إذ يتساءل الطالب في المدرسة والجامعة ما جدوى التعليم إذا لم يكن هناك أمل في العمل؟ لدينا ولله الحمد والمنة دولة وقيادة حكيمة تتلمس حاجات المجتمع بشكل استباقي لكن المشكلة هي في الحكومة العنصر الوسيط بين الدولة والمجتمع يقول المثل الغربي (لم تصمم الحكومات لكي تجري بل لتحبو) أمر خادم الحرمين الشريفين رعاه الله يمنح كل من يبحث عن عمل إعانة شهرية ولمدة مؤقتة وهي عام واحد متمثلاً في برنامج (حافز) كما أمر بإيجاد فرص عمل ملائمة ومناسبة للمواطنين اجتهدت وزارة العمل في وضع البرامج وإطلاق المبادرات التي تنظم سوق العمل وتهيئة البيئة المناسبة لكي تصبح (السعودة) أولوية وميزة تنافسية لجميع منشآت القطاع الخاص ومن أهم تلك المبادرات برنامج (نطاقات) لكن البرنامج سقط في أفخاخ عديدة مما اضطر الوزارة إلى إصدار العديد من الضوابط في شكل نسخة مطورة من البرنامج ومع هذا لاحظنا اعترافاً ضمنياً من وزير العمل بالعديد من العقبات كما أن أرقام التوظيف التي ذكر الوزير أنها تمت نتيجة نطاقات فيها أمرين: الأول أنها لا تفرق كثيراً عن ما تم توظيفه في العام 2008م، الثاني أنها مؤسفة مقارنة بحجم الجهد والوقت والمال المبذول من ناحية ومخجلة مقارنة بحجم الطلب والكم الكبير من طالبي العمل. أما برنامج حافز فقد سقط في أربع إشكاليات: الأولى سوء فهم الكثير من المتقدمين لماهية الإعانة وبالتالي الشروط والمعايير حيث اعتبرها كثيرون إعانة من الدولة وهبة من الملك لتحسين أحوالهم المعيشية، ولذا أثر ذلك الخلط في استقبال المجتمع لهذا البرنامج المطبق في عدد من دول العالم الإشكالية الثانية، التشدد في المعايير الخاصة بالقبول في برنامج حافز بحيث أصبح الغالبية العظمى من قوة العمل الوطنية الباحثة عن عمل خارج البرنامج الإشكالية الثالثة تأخر إعلان وطرح المعايير للدخول إلى البرنامج أو الخروج منه إذ لم تعلن شروط القبول في حافز إلا بعد أن سجل أكثر من نصف مليون باحث وباحثة، كما لم تعلن معايير الاستبعاد من حافز والشروط الخاصة بذلك إلا بعد خمسة أشهر من صرف الإعانة كل ذلك زاد في حنق المجتمع الإشكالية الرابعة الحجم الكبير والعدد الكبير من النساء المتقدمات ويشكلن أكثر من (83) في المائة من المقبولين في وقت تشكل نسبة النساء العاملات في القطاع الخاص نسبة ضئيلة في ظل عدم تطبيق القوانين المنظمة لعمل المرأة وأهمها قرار مجلس الوزراء رقم (130). بكل أمانة وموضوعية وصراحة ما كان لكل تلك الإشكالية وغيرها أن تحدث لولا العناصر الثلاث للفشل: سوء المعرفة، سوء الإدارة، وسوء التقدير من وزارة العمل والصندوق المشرف على برنامج حافز وأمست عناصر عجز في تحقيق أهم شروط ودوافع المبادرة الملكية اقتصر دور الصندوق على الإعلان عن صرف الإعانات بدون جهد إبداعي وحقيقي يذكر في التوظيف تم صرف أكثر من عشرة آلاف مليون ريال من خزينة الدولة حتى الآن وتم تسجيل أكثر من مليوني باحث وباحثة المحير أن الصندوق كان لديه فرصة ذهبية لتخفيف العبء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي سببه برنامج حافز وسيسببه في المستقبل لكن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقول المثل. ختاماً وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل أيام، الجهات المعنية بتشكيل لجنة من 7 جهات حكومية لمتابعة تنفيذ المشاريع التنموية والخدمية. اللجنة تضم مندوبين من جهات حكومية لا تقل مرتبة أعضائها عن ال15 وهي وزارتا المالية والاقتصاد والتخطيط وديوان المراقبة العامة وهيئة الخبراء في مجلس الوزراء وهيئة الرقابة والتحقيق والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والأمانة العامة لمجلس الوزراء وممثل عن الجهة التي تقوم اللجنة بمراجعة مشاريعها وإشارة إلى ما سبق من جدل حول البطالة نتمنى ونقول: يا حبذا لو تضمنت أعمال اللجنة مشروع حافز ومشاريع التوطين التي تقوم بها وزارة العمل فليس هناك أهم من مشروعات التوطين ليس تنمويا وخدميا فحسب بل اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وإستراتيجيا وغيرها حفظ الله الوطن. [email protected] باحث سعودي