مضحك ومزري ذلك التنافس المحموم والمكشوف بين المرشحَيْن الرئاسيَيْن الأمريكيَيْن على كسب الأصوات اليهودية، فالمرشح الجمهوري «ميت رومني» طار إلى فلسطينالمحتلة ولم يترك قولاً أو فعلاً يعتقد أنه يُسعِد الإسرائيليين إلا وبالغ في تأكيده وتبنيه..!! أما المرشح الديمقراطي للانتخابات، الرئيس الحالي باراك أوباما، فقد اختار أن يستبق اليوم الذي وصل فيه «رومني» إلى فلسطينالمحتلة بوقتٍ قليل لكي يوقع على قانون تعزيز التعاون العسكري مع إسرائيل الذي سيتم بموجبه حصول إسرائيل - لأول مرة - على طائرات أمريكية من طراز نادر ومتقدم. هذا التنافس المزري بين مرشحي الرئاسة الأمريكيين ليس جديداً، ففي كل معركة انتخابية يتبارى المتنافسان الرئاسيان على تقديم الوعود والتنازلات لإسرائيل من أجل كسب الأصوات اليهودية. لكن ما فعله «رومني» و»أوباما» هذه المرة يبدو بائساً ومخجلاً حتى بمقاييس تنافس الساسة الأمريكيين على الحصول على أصوات اليهود، فمن الواضح أن توقيت أوباما لتوقيع قانون تعزيز التعاون هو من أجل الشوشرة على زيارة «رومني»، كما أن زيارة «رومني» هي محطة من محطات حملته الانتخابية مثل أي ولاية أمريكية مهمة. وهنا يبرز، مرة أخرى، سؤال متكرر: من هي الدولة الكبرى ومن هي الدولة الصغرى في هذه العلاقة العجيبة بين الدولتين؟! من يلقي نظرة، حتى ولو عابرة، على صورة «رومني» مع رئيس الوزراء الإسرائيلي «نتانياهو» في مكتب الأخير بالقدس المحتلة يتملكه إحساس بأن نتانياهو «المنتفش» وليس رومني «المنكمش» هو الشخص الذي يمثل الدولة الكبرى!! وهذا مؤسف لأن هيبة ومكانة وقوة الولاياتالمتحدة كان يجب ألا تُخدش على هذا النحو الذي يقلل - حقاً - من قيمة أمريكا. العجيب هو أنه حتى الصحافة الإسرائيلية سخرت، بترفع وكبرياء، من هذا التنافس الصبياني من قِبَلْ المتنافسَيْن، خصوصاً تصريحات «ميت رومني» التي وصفتها بأنها مجرد وعود انتخابية لا قيمة لها، كما أن تعليقات بعض الصحف الأمريكية ركزت على شطط هذه المزايدات الانتخابية. بالطبع ليس سراً أن من يخوض الانتخابات الأمريكية في مستوياتها المختلفة يدرك أهمية الصوت اليهودي في الانتخابات وهو صوتٌ يفوق القيمة العددية لليهود في الولاياتالمتحدة لأن نسبة مشاركة اليهود الأمريكيين في التصويت أعلى من نسبة مشاركة المواطنين الأمريكيين الآخرين وتفوق نسبة 90 في المائة ممن يحق لهم التصويت!! ولكن هل يبرر ذلك انحناء المرشحين الأمريكيين لساسة إسرائيل بهذا الشكل المخجل؟! نحن ندرك قيمة الولاياتالمتحدة، ولنا معها مصالح كثيرة، وكمواطن سعودي عربي تعلَّم في أمريكا وله العديد من الأصدقاء الأمريكيين يحزنني ذلك. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض