فور انتهائنا من صلاة مغرب يوم السبت 17-8-1433ه إذا بالإمام يلتقط المايكروفون وبنبرات حزينة ينقل لنا خبراً كسر القلوب وأدمع العيون، هو وفاة المؤذن الذي رافقه لأكثر من 30 عاماً في هذا المسجد في حادث بالمجمعة يوم الجمعة 16-8-1433ه وهو قادم من المدينةالمنورة عن عمر يناهز 80 عاماً. صعقني الخبر وبدأت أتساءل هذا كرسيه خلف الإمام، وهذا هو يقف خلف المايكروفون ينتظر الأذان، وهذا هو يلتفت يمنة ويسرة ينتظر دخول الإمام وهذا كل شبر في المسجد يذكّرنا به، فقد كان معنا قبل أسبوع يردد حي على الصلاة.. حي على الفلاح. هذا هو ضيف الله المخلفي مؤذن جامع الوالدة - أمد الله في عمرها على طاعته- نورة العيد بالرياض عرفته منذ زمن بعيد بدماثة خلقه وحسن معشره وصاحب دعابة وشعر، كان شديد الحرص على المسجد ومواقيت الأذان ولا يتغيّب عن الأذان إلا لسفر وإذا أجهده التعب حضر المسجد وفتح المايكروفون وطلب من أحد الجماعة أن يؤذن وبعد أن كبر سنه أصيب بالربو ومع ذلك يصر على الأذان وأحياناً وهو يؤذن تنتابه أزمة الربو فيواصل الأذان، وكان المسجد صغيراً فوسّع وأصبح جامعاً فكان يحضر للجمعة الساعة العاشرة ويجلس على الكرسي يسبّح ويهلّل حتى دخول الخطيب. من المواقف والذكريات - حدثني ذات يوم أن جماعة المسجد لا يحبون الرفاهية وأنه كلما فتح المكيّفات أقفلوها. - كان بالمسجد ينتظر دخول وقت أذان المغرب فإذا بطبلون الكهرباء يلتمس ليخرج منه دخان وشرر وإذا به يذهب بكل شجاعة ويقفل الطبلون والشرر يتطاير على ثوبه وجسده ولم تؤد صلاة المغرب في المسجد من كثرة الدخان. - طلب مني قبل سفره تقسيم راتبه باليومية ليعطي من ينوب عنه الأذان حقه أثناء سفره. عزاؤنا أنه توفي في يوم الجمعة وهو قادم من المدينةالمنورة.. رحمه الله وغفر له وأسكنه فسيح جناته، فهو لم يترك خلفه ولداً ولا زوجاً، بل ترك ذكراً حسناً. ناصر بن إبراهيم الهويش