الرئيس الأربعون لمجلس إدارة نادي الاتحاد دلف منتصف الأسبوع الحالي إلى المكتب المخملي، اختاره الاتحاديون من صناديق الاقتراع في ثالث انتخابات وجمعية عمومية تُجرى خلال أربع سنوات في النادي العريق. اقتعد الكرسي الساخن، وفاز به محمد حامد فايز، الذي انتقل فجأة من رئيس مجلس هيئة أعضاء الشرف إلى رئيس مجلس إدارة النادي، في تحوُّل كبير لم يحدث من قبل في النادي الكبير، وهو أمر يدل على مدى عشق وحب الرجل للنادي، وعلى تقديره للعمل فيه ورغبته في أن يخدمه من أي موقع. وأعتقد أنه جسّد عملياً مقولة يرددها بعض الاتحاديين قولاً من غير فعل، وشعاراً من غير واقع أو تنفيذ، وأعني مقولة البعض (أنا في خدمة النادي من أي مكان ومن غير منصب)، وواقع الحال معهم مختلف كثيراً، ودورهم عند الشدائد لا يخرج عن التنظير وبيع الكلام، أو الفلسفة والسرد الإنشائي وانتقاء الكلمات الرنانة التي لا تسمن ولا تغني من جوع. تحول محمد حامد الفايز إلى رئيس النادي وليس رئيس مجلس هيئة أعضاء الشرف يثبت بالفعل أن (الكرسي عزيز) جداً بالنسبة له؛ ولذلك قبل به حرصاً منه ورغبة في إعادة القوة إليه واستعادة الوقار الذي يستحقه والهيبة التي افتقدها؛ وبالتالي العودة بنادي الاتحاد إلى مكانه اللائق والطبيعي. وبالفعل فإن أول ما طرحه الرئيس الجديد وصرح به إعلامياً هو أنه سيعمل على استعادة هيبة نادي الاتحاد عموماً، وليس فريق كرة القدم، ولعله يجد في ذلك ويعرف مسالك ودروب تحقيقه، وهو - كما يفترض - صناعة رجل إدارة سابق ورئيس محنك في هذا الجانب؛ فهو تتلمذ في مدرسة الدكتور عبدالفتاح ناظر وتشرب منها، وكان عضواً في مجلس إدارته الأولى عام (1405ه)، وهي إدارة (مرتبة)، عُرف عنها أنها أول من أدخل التنظيم الحديث والتكنولوجيا في العمل الإداري في الأندية عموماً، وليس في نادي الاتحاد فقط، إضافة إلى إسباغه الهيبة والمكانة اللائقة برئيس نادي الاتحاد، التي كان يفرضها مستنداً إلى اسم النادي، وأنه الأول والبكر للرياضة السعودية تأسيساً؛ فيجب أن يقدَّم على غيره، وحتى على أجهزة تظن أنها تديره. وللناظر مواقف عديدة معروفة في هذا الشأن، ومن أشهرها قصة الاجتماع المشهور في المدينة الساحلية بجدة مع مكتب رعاية الشباب في جدة في عهد مديره الأسبق الأستاذ سعيد جمعان الغامدي، وفي عهده كان الاتحاد من يقود (أموره) وأوضاعه التي تتعلق به، ولا يسمح بأن تصنع أو يقاد فيها، وكان ذلك في زمن (مغلق)، ومع ذلك كانت قوة الناظر تفرض كل ذلك وأكثر. وفي ظني بل مؤكد أن الأمر اليوم أسهل بكثير في هذا الزمن الذي انفتح كثيراً. مات قبل أن يولد خلال 86 عاماً هي عمر نادي الاتحاد تفاوتت القدرات والإمكانيات لكل رئيس أتى للنادي، وتباينت المواقف والظروف التي جاءت برئيس عن رئيس، وفي كل مرة يأتي فيها رئيس في التاريخ الحديث أتذكر حكاية تُروى تتحدث عن سائح غريب دخل مدينة جميلة وفارهة، وبالخطأ وجد نفسه في مقبرة المدينة التي يُدفن فيها أمواتها؛ فأخذ يتجول، واستغرب عندما وجد على شواخص القبور العبارات المكتوبة مثل (فلان بن فلان مات وعمره شهر، فلان بن فلان مات وعمره أسبوع، وفلان مات وعمره ستة أشهر وفلان مات وعمره سنة)، وهكذا كل مقابر المدينة، فسأل عن ذلك، فقالوا له إننا نحسب عمر كل إنسان بقدر ما أنجز من أعمال مهمة للمدينة، وليس بقدر ما عاش مسؤولاً أو حياً، فقال إذا بقيت في مدينتكم ومت فيها فاكتبوا على قبري (فلان بن فلان مات قبل أن يولد)!! كلام مشفر * تحدي الاتحاد الكبير والقادم ليس وقفاً على محمد فايز وحده ولا الرئيس وأعضاء مجلس إدارته وإنما هو تحدي الاتحاديين جميعاً. اختيار الإدارة خطوة أولى في الطريق الصحيح في مشوار الألف ميل. * انتخاب محمد فايز هو لرئاسة نادي الاتحاد وقيادة فرقه، وأهمها فريق كرة القدم وليس انتخابه لقيادة مجموعة المستقبل؛ ولذلك فإن خطوات العمل والبناء يجب أن تكون للنادي وفرقه واحتياجاته وليس شيئاً قبل ذلك. * بإجماع القريبين والمطلعين فإن أرقام الميزانية التي قدمت في الجمعية العمومية ليست سليمة ولا دقيقة ولا منصفة، خاصة ما يتعلق منها بالتبرعات التي قدمت من قِبل بعض الرموز والأسماء الكبيرة. * فما قدمه على سبيل المثال الرمز الكبير أضعاف ما ذكر، والأمر كذلك بالنسبة للعضو الداعم، وربما من أعد المعلومات لا يعرف كل التفاصيل التي يعرفها رئيس النادي اللواء محمد بن داخل. * الأكيد أن هناك أرقاماً ودعماً ومبالغ ذهبت مباشرة إلى الرئيس من المساندين الحقيقيين الذين عندما يدعمون النادي يفعلون بالفعل ذلك بطريقة (لا تعرف شمالك ما تقدمه يمينك).