على مدى تسعة أعوام من عمر المشاركات السعودية في أولمبياد الرياضيات الدولي التي توجت أخيرا بحصولها على المركز 29 من أصل 101، استطاعت المملكة أن توفر بيئة تنافسية إبداعية تشبع اهتمامات الطلاب والطالبات وتسهم في اكتشاف النوابغ وصقل مواهبهم. وأثمرت هذه الجهود أخيراً عن تقدم سعودي في مراكز أولمبياد الرياضيات الدولي الذي أقيم في الأرجنتين خلال الفترة من الرابع وحتى 16 (يوليو) 2012، للمرة الأولى في تاريخ المشاركات السعودية إثر تنفيذ خطة متكاملة من اختيار الطلاب وتدريبهم وتهيئتهم لهذه المسابقة العالمية، أشرف عليها خبراء ومختصين من مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) ووزارة التربية والتعليم بمشاركة مدربين دوليين. وخلال المشاركة الأخيرة قفزت المملكة في سلّم ترتيب دول العالم أكثر من 62 مرتبة، واحتلت هذا العام المرتبة 29 من أصل 101 دولة مشاركة بحصولها على 5 ميداليات اثنتان منها فضية وثلاث برونزيات، متقدمة 41 مركزاً عن العام الماضي، ومتفوقة على دول متميزة في هذا المجال مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا ودول أوروبية عدة وجميع الدول العربية المشاركة، فيما كانت في المرتبة 70 من أصل 101 دولة في العام 2011م، والمرتبة 76 من أصل 96 دولة عام 2010م، والمرتبة 94 من أصل 97 دولة خلال العام 2008م، والمرتبة 91 من أصل 93 دولة خلال العام 2007م. وقاد هذا الإنجاز فريق من المشرفين مكون من الدكتور عبدالعزيز الحارثي المشرف العام على الأولمبياد الدولي، والدكتور فوزي الذكير رئيس الفريق، والدكتورة نجلاء التويجري نائب رئيس الفريق، والدكتور عبدالرحمن البراك، الدكتور مالك طالبي، وسلطان البركاتي، والدكتور بيلمر ميباني. ومن الطلاب يزيد البسيوني من ثانوية ابن خلدون في ينيع الذي حقق ميدالية فضية، والطالب حسين عيد من ثانوية ابن النفيس في ينبع حقق ميدالية فضية، والطالب صالح الغامدي من ثانوية التعاون الأهلية في جدة حقق ميدالية برونزية، والطالب عبدالرحمن الحربي من ثانوية ابن خلدون في ينيع حقق ميدالية برونزية، والطالب ووائل آل سعيد من مركز CBC أرامكو السعودية الذي حقق ميدالية برونزية. وتعد هذه المسابقات وسيلة للكشف عن علماء المستقبل، وعن النوابغ في تخصص الرياضيات، حيث ستسهم استمرار المشاركات السعودية في مثل هذه المسابقات في ارتقاء مستوى تعليم الرياضيات في كل المراحل وينهض به نظراً إلى أن المملكة تسعى إلى أن تكون ضمن أفضل دول العالم في الأساس العلمي. وتأتي مشاركة المملكة في أولمبياد الرياضيات متممة لمشاركاتها السابقة التي سعت من خلالها إلى الحصول على مركز متميز في المسابقة، حيث شاركت المملكة كمراقب عام 2003م. وشاركت في عام 2004م – عام 2005م – 2006م- 2007م- 2008م-2010 م -2011 م وستشارك هذا العام 2012م. وأقيم أول أولمبياد في عام 1959م في رومانيا بمشاركة 7 دول فقط، شارك فيها سبع دول من المعسكر الاشتراكي وهي: تشكوسلوفاكيا، وألمانياالشرقية، والاتحاد السوفيتي، والمجر، وبلغاريا، وبولندا، وفي عام 1961م انضمت إليها يوغسلافيا ليصبح عددها ثمان دول استمرت في المشاركة السنوية في هذا الأولمبياد واحتضانه بالتناوب حتى عام 1963م. وفي عام 1964م انضمت إليها منغوليا، وحذت حذوها فيتنام عام 1974م، ثم تركيا وهكذا استمرت الدول في المشاركة تباعاً إلى أن وصل عدد الدول المشاركة إلى قرابة 104 دولة حتى عام 2009م شارك منها 101دولة في أولمبياد هولندا عام 2011م و 2012م. ومن بين الدول العربية المشاركة إلى جانب المملكة، الجزائر، تونس، الكويت، المغرب، البحرين، الامارات، موريتانيا، سورية، حيث يعتمد الأولمبياد خمسة لغات هي الانجليزية، الفرنسية، الاسبانية، الروسية، الألمانية. الرؤية المستقبلية تؤكد إدارة المشروع الأولمبياد الدولي في «موهبة» أن الرؤية المستقبلية للمشاركات السعودية في المحافل الدولية خصوصاً الأولمبياد، هو استمرار التقدم في ترتيب المملكة، ومشاركة الطالبات بفعالية، واستثمار مبادرات موهبة، وإعداد خطة تفصيلية لكل فريق، وإشراك أكبر عدد في اختبارات التصفية، وإعداد مدربين وطنيين للمراحل الأولى، وتأليف وترجمة المادة العلمية، وإكمال اللوائح المنظمة للعمل في المشروع، والتوسع في التدريب الإلكتروني لكل المراحل. كما تسعى إدارة المشروع من خلال الأولمبياد إلى الإسهام في بناء جيل مبدع قادر على التعامل مع العالم بلغة علمية، ورفع مستوى التعليم من خلال نشر ثقافة التفكير والاكتشاف، و غرس روح التنافس الإيجابي بين الطلبة والمعلمين والمدارس وإدارات التعليم، و السعي لبناء مجتمع المعرفة, وإنتاج التقنية، و تعزيز الثقة في القدرة الوطنية على المنافسة العالمية في الرياضيات والعلوم، و تحفيز الطلبة على المشاركة في رفع تقدير المجتمع لدور الرياضيات والعلوم، و رفع اسم وعلم المملكة العربية السعودية في المحافل الدولية. وزير التربية: الإنجاز يترجم رؤية القيادة لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم أكد سمو وزير التربية والتعليم، نائب رئيس مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد، أن الإنجاز الذي حققه الطلاب السعوديين في أولمبياد الرياضيات الدولي في الأرجنتين يترجم رؤية القيادة الحكيمة لاكتشاف الموهوبين ورعايتهم من خلال توفير بيئة مبدعة تنافسية تشبع اهتمامات الطلاب والطالبات وتسهم في اكتشاف النوابغ وصقل مواهبهم، لدعم إيجاد مجتمعاً مبدعاً قائماً على المعرفة، قادراً على مواكبة التطور العلمي والتأثير فيه إيجاباً. ورفع أسمى آيات الشكر والامتنان لرئيس مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وولي العهد الأمين سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز على الاهتمام الكبير بدعم الموهوبين ورعايتهم حتى وصلوا إلى هذه المرحلة المتقدمة من التميز العلمي والتفوق على نظرائهم العديد من دول العالم. وهنأ سموه الطلاب المشاركين والفائزين في أولمبياد الرياضيات الدولي وأسرهم ومشرفيهم ومدارسهم، مشيراً إلى أن هذا الإنجاز ولفت سموه إلى أن الالتقاء مع طلبة قادمين من دول العالم والتنافس معهم يمثل هدفاً جوهرياً تسعى إليه المملكة من أجل زيادة الحصيلة العلمية للطلبة السعوديين وتطوير أدائهم وطريقة تفكيرهم، ولأجل هذا كانت الأعوام الماضية حافلة بالمشاركات السعودية في المسابقات الدولية في مجال الرياضيات والفيزياء والكيمياء. د. الحارثي: الطلاب خضعوا لبرامج تدريبية.. وذللت العقبات لهم أوضح المشرف العام ومدير مشروع الأولمبياد في «موهبة» الدكتور عبدالعزيز الحارثي، أن طلاباً من 101 دولة من بينها 9 دول عربية شاركوا في أولمبياد الرياضيات الدولي ال 53 الذي أقيم في الأرجنتين، مشيراً إلى أن المملكة نافست فيه بفريق ضم 6 طلاب هم: اليزيد البسيوني من ثانوية ابن خلدون في ينيع الذي فاز بثلاث ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية في اولمبياد الخليج 2012م واولمبياد البقان 2012 والاولمبياد الدولي للرياضيات 2011م، وعبدالرحمن الحربي من ثانوية ابن خلدون في ينيع الفائز بميداليتين فضيتين في اولمبياد الخليج 2012 م واولمبياد البلقان 2012 م، والطالبان حسن عيد وحسين عيد من ثانوية ابن النفيس في ينبع اللذين حققا فضيتين وبرونزية في اولمبياد الخليج 2012 م والبلقان 2012م، وصالح الغامدي من ثانوية التعاون الأهلية في جدة الفائز بفضية وبرونزية في اولمبياد الخليج 2012 م واولمبياد البلقان، ووائل آل سعيد الحائز على ميدالية برونزية في الاولمبياد الدولي للرياضيات 2011م. وأكد أن «موهبة» ووزارة التربية والتعليم حرصتا على تهيئة الطلاب المشاركين في المسابقة عن طريق إلحاقهم ببرامج تدريبية وتذليل العقبات أمامهم كي يحققوا هذا الإنجاز التاريخي، مضيفاً أن أولمبياد الرياضيات الدولي من المسابقات العلمية التي تحظى باهتمام عالمي، نظراً لما تعكسه المسابقة من تطور في القدرة العلمية للطلبة الموهوبين وقياسها مع الدول المشاركة، ولذلك تزايد عدد الدول المشاركة فيها حيث ارتفع العدد من 7 دول في أول أولمبياد أقيم في رومانيا عام 1959م إلى 101 دولة شاركت في أولمبياد الرياضيات ال52 الذي أقيم عام 2011 في هولندا. كما أن أسئلة الأولمبياد صعبة جداً، ليس فقط لطلبة التعليم العام أو التعليم العالي، ولكن أيضاً لأعضاء هيئة التدريس المختصين في الرياضيات.