في ولاية (كولورادو) الأمريكية خصصت إحدى الشركات هناك (مكافأة مالية) هذا الشهر تقدّر بنحو(7500 دولار) لكل موظف يعمل لديها ويتمتع بإجازته السنوية (بالشكل الصحيح) ويقدم ما يثبت أنه لم يعمل خلالها إطلاقاً، ولم يشغل رأسه أو جسمه بأي مهام، ولم يستخدم حتى الجوال أو البريد الإلكتروني وأنه بالفعل استجم استجماماً كاملاً طوال أيام الإجازة واستراح بعيداً عن الضوضاء، طمعاً في عودته للعمل من جديد بذهن صاف وبال خلي..! طبعاً هذه (المكافأة المرصودة) قدمتها الشركة بعد أن أثبتت العديد من الدراسات حاجة الموظف للإجازة والراحة بعد (عام كامل) من العمل الدؤوب والنشاط المستمر, وحاجة الجسم للراحة والذهن للصفاء.. ويا ليت (بعض المدراء) لدينا يعلمون؟! لو تأملنا كيفية تعاملنا مع (الإجازة السنوية) من جانبين لوجدنا العجب؟! الجانب الأول له علاقة (بالمدير) الذي يعتقد أن الموافقة أو الرفض بتمتع الموظف بإجازته من أبسط حقوقه (كمدير) ويجب أن يثبت وجوده أمام الجميع و(يزأر كالأسد) ليتحكم بمصائر خلق الله وعائلاتهم وترتيباتهم لأن (سعادته) ببساطه قد يرى أن تؤجّل الإجازة لأن العمل ربما يتأثر بغياب هذا الموظف أو ذاك.. ويغيب عن ذهن هذه (العقلية المديرية الفاشلة) أن الإجازة حق للموظف والمدير الناجح يجب أن يحفّز موظفيه على التمتع بها ليتجدد نشاطهم وليصبح العمل دافعاً لهم لتجديد والإبداع والإتقان، بل إن مبرر تأثر العمل بغياب موظف دليل على فشل هذه الإدارة واعتمادها على الأشخاص لا على النظام المؤسسي في سير العمل..! الجانب الآخر هو في (الموظف نفسه)، حيث إن هناك نوعاً من الموظفين يخصص إجازته لينجز (أعمالاً معلقة) ويقضي أيام الإجازة في المراجعات والمتابعات وإجهاد نفسه ليعود لدوامه الأصلي منهكاً وهو لم يستفد شيئاً أو يرتاح خلال هذه الأيام..! بينما آخرون يعتقدون أنهم (يتمتعون بإجازاتهم) بالسفر غير المنظّم والعشوائي والتنقّل بين المدن والدول على طريقة (ابن بطوطة) كل يومين في ديرة، وهم في الحقيقة يُشقُون أنفسهم ببرامج متباعدة ومنهكة، بذلوا خلالها مجهوداً مضاعفاً، وتعرضوا لأخطار عديدة أنهكتهم جسدياً ونفسياً ومالياً، بعكس لو تمتعوا بإجازة مستقرة تريح الذهن والدماغ كما يتطلع أصحاب الشركة الأمريكية أعلاه..؟! انظر حولك الآن كم عدد الموظفين الذين عادوا من إجازاتهم وهم يشعرون بالإرهاق والكسل والخمول؟! وكم نسبة من انعكست الإجازة عليهم إيجاباً وعادوا أكثر نشاطاً وحيوية..؟! وعندها سنحكم إذا ما كنا في حاجة (لمكافأة إجازة) أم لا..؟! وعلى دروب الخير نلتقي. [email protected] [email protected]