هدوءٌ ورزانةٌ وحكمة... لعل هذه الكلمات الثلاث هي الأكثر تعبيراً عن شخصية الأمير أحمد بن عبدالعزيز؛ الرجل الأكثر حضوراً في ميدان الحزم والإتقان والنبل، فسموه أفضل من يمثل الشخصية العربية الأصيلة بكل ما تحمله من صفات الشهامة والنخوة والكرم؛ فَجُل هوايات سموه مرتبطةٌ بالصحراء فهو يقضي إجازاته متنقلاً في ربوعها التي عشقها منذ نعومة أظفاره ليمارس (القنص) الرياضة العربية العريقة، كما أن سموه يهوى اقتناء الخيل العربية الأصيلة التي لا يمكن أن يستغني عنها الفارس العربي النبيل مهما بلغ من التمدن والحضارة. ما يميز الأمير أحمد بن عبدالعزيز نجاحه في كل الأعمال الموكلة إليه وبالذات المشاريع المتعلقة بالجانب الأمني وخدمة الحجاج، فسموه تلقى تعليمه العالي في أشهر الجامعات الأمريكية حيث درس اللغة الإنجليزية بجامعة جنوب كاليفورنيا (U.S.C) ليكمل مسيرته بجامعة ردلاندز (Redlands) بمدينة سان برنادينو بجنوب ولاية كاليفورنيا، وقد كان نبوغ سموه في ميدان العلم مثار استحسان أعضاء هيئة التدريس بكلا الجامعتين حيث يذكر بعض الأكاديميين من الطلاب الذين تشرفوا بمزاملة سموه في فترة الدراسة أنه كان يفاجئ الأساتذة بالمعلومات والثقافة الثرية التي كان يمتلكها، ولعل ذلك يفسر لنا ولع سموه بالقراءة والاطلاع منذ أن كان طالباً بمدرسة الأمراء. تخرج الأمير أحمد من الجامعة لينال شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية عام 1968م، إلا أن إعجاب الجامعة بشخصية سموه وبتفوقه الملفت دفعهم لمنحه شهادة الدكتوراه في العلوم الإنسانية في السادس والعشرين من شهر يوليو عام 1999م. حكاية أحمد بن عبدالعزيز مع النجاح لم ترتبط بفترة معينة، فقد كانت البصمة التي تثبت أن أحمد بن عبدالعزيز قد مر من هنا، فالقيادة الحكيمة أدركت في وقت مبكر هذه المهارات العملية الخاصة التي يتمتع بها سموه فصدر الأمر السامي الكريم بتعيينه وكيلاً لإمارة منطقة مكةالمكرمة عام 1971م، المنطقة الأكثر أهمية في المملكة العربية السعودية فهي تحتضن المسجد الحرام والمشاعر المقدسة، فكان نعم العون لأخيه الأمير فواز بن عبدالعزيز -رحمه الله- فعمل على حصر جميع المشاكل والاحتياجات التي تتطلبها المنطقة من خلال عقد اجتماع عاجل للقيادات في المحافظات والمراكز التابعة لمنطقة مكةالمكرمة وبالفعل آتت هذه الخطوة أُكلها فحُلَّت أغلب المشاكل التي تعاني منها هذه الأجزاء من المنطقة؛ لذلك لم أتعجب عندما سمعت أحد كبار السن يلهج بالدعاء للأمير أحمد بأحد جوامع القنفذة التي ساقتني الأقدار للصلاة فيها قبل ثلاث سنوات عندما كنت في جولة ميدانية لزيارة بعض المواقع الأثرية في هناك، فدفعني الفضول لانتظار هذا الرجل حتى فرغ من صلاته فسلمت عليه وسألته لماذا خص الأمير أحمد بهذا الدعاء فحكا لي عن زيارة سموه لمحافظة القنفذة قبل عقود وعن لقاء سموه بالمواطنين - الذي كان هذا الرجل المسن أحدهم- حيث استمع سموه لمطالبهم وشكاواهم فوجه بشكل عاجل فوري -كما هي عادة سموه- بإنهاء جميع هذه الإشكالات، فهذه إحدى المواقف الإيجابية وما أكثرها عن سموه الكريم الذي لا يعشق الأضواء بقدر عشقه للعمل فكان النجاح حليفه في كل خطوة. المشاعر المقدسة كان لها نصيب من فكر الأمير أحمد بن عبدالعزيز ونبوغه، فسموه مبتكر ومؤسس الدراسات الميدانية للحج حيث قدم هذا الاقتراح لسمو وزير الداخلية آنذاك الأمير نايف بن عبدالعزيز -طيب الله ثراه- فصدرت الموافقة السامية الكريمة بتشكيل لجنة مشتركة من قبل الوزارات المعنية بخدمة الحجيج ، وبفضل دعم سموه واهتمامه تم إنشاء مركز أبحاث الحج الذي يُعنى بشكل مباشر بدراسة كل ما يخص أمور الحج، استمر سموه في عمله متفانياً طالباً الأجر من الله عز وجل في كل ما يقدمه من خدمات للوطن والمواطنين حتى صدر الأمر السامي بتعيينه نائباً لوزير الداخلية عام 1975م ليكون خير عضدٍ لأخيه الأمير نايف بن عبدالعزيز -غفر الله له- فحقق عمل سموه بشهادة الواقع أسمى درجات النجاح وأعلاها. مدرسة أحمد تجمعني المناسبات ببعض مسؤولي وزارة الداخلية من الزملاء المتقاعدين ومن الذين لازالوا على رأس العمل، وعند ما يدور الحديث عن أي قضية تمس الوزارة يتفق هؤلاء على أمر واحد معين وهو حكمة الأمير أحمد وعدله في معالجة القضايا، فسموه كما يؤكدون لي لا يفرق بين الموظف الكبير والصغير في الوزارة فجميعهم سواسية عنده وفي مرتبة والحدة فالهدف من العمل سامٍ وهو خدمة هذا الوطن ورفعته. مهارة الأمير أحمد بن عبدالعزيز في الإدارة كانت هي خير مرشدٍ وموجه لمنسوبي وزارة الداخلية الذين انتقلت إليهم شيء من هذه المهارات الإدارية، فأصبح موظفوها مضرب مثلٍ في هذا الميدان، فسموه يعالج الأمور بطريقة احترافية بعيدة عن البيروقراطية والتعقيد الذي تعاني منه بعض مؤسسات الدولة، وإني أجدها فرصة لدعوة طلاب الإدارة في الجامعات السعودية بدراسة أسلوب الأمير أحمد في الإدارة فسموه مدرسة عريقة، فقد تخرج على يديه الكثير من المواهب الإدارية المتميزة، فهي فرصة لاستثمار فكر سموه في هذا المجال. الأمير فيصل بن أحمد الأمير فيصل بن أحمد بن عبدالعزيز، شاب طموح تخرج من مدرسة الأمير أحمد بن عبدالعزيز ليتلقى عن سموه الصفات العربية الأصيلة، ما دفعني للإشارة عن سمو الأمير فيصل؛ هو ملازمته لوالده الأمير أحمد وحرص الأمير فيصل على تلبية المناسبات الاجتماعية نيابة عن والده وهذا مما يحمد لسموه. شدتني كما شدت الكثير من الناس تلك الصورة المؤثرة التي ظهر فيها الأمير فيصل بن أحمد حاملاً للنعش الذي حمل جثمان الفقيد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز -رحمه الله- وهذا السلوك الكريم غير مستغرب من قبل سموه الذي تعودنا أن نجده في مثل هذه المواقف الصعبة جنباً إلى جنب مع أبناء أسرته الكريمة، فهو كما عهدته صاحب خلق كريم ونبيل ولا عجب فهو سليل رجل الأمن والحكمة الأمير أحمد بن عبدالعزيز. أسأل الله العلي القدير أن يحفظ الأمير أحمد بن عبدالعزيز وأن يوفقه في مسؤوليته الجديدة إنه سميع مجيب. [email protected] عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود