استطاع التعليم العالي الأهلي بوزارة التعليم العالي خلال سنوات قليلة أن يرفد سوق العمل بأكثر من 21 ألف من الطلاب والطالبات الذين استفادوا من المنح الدراسية الداخلية للجامعات والكليات الأهلية في مختلف مناطق ومدن المملكة، في ظل دعم القيادة الرشيدة. وتأتي هذه الجهود من قبل التعليم العالي الأهلي إدراكا منها بالاحتياجات الحقيقية التي ينتظرها سوق العمل، في مختلف المجالات التي من بينها التخصصات الطبية، الهندسية، القانونية، وغيرها. إلى جانب توفر الرغبة الكبيرة من قبل الطلاب والطالبات في الالتحاق بالجامعات والكليات لدراسة العديد من التخصصات، مع مراعاة الجودة. كما أن جهود التعليم العالي الأهلي تأتي منسجمة مع موجهات خطط التنمية، والتوجهات الإستراتيجية للمملكة، والتي تهدف في محصلتها النهائية للرفع من معدلات الإنتاج وجودة الأداء وتميزه، بما يصب في مصلحة الوطن. وحقق برنامج المنح الدراسية الداخلية للجامعات والكليات الأهلية الذي استحدثته وزارة التعليم العالي ممثلة في الإدارة العامة للتعليم العالي الأهلي قبل سنوات عدة، فوائد كبيرة انعكس أثرها الإيجابي على الطلاب والطالبات الذين استفادوا خلال السنوات الماضية من هذه المنح التي تحظى بدعم ورعاية الدولة. ولعل قرار مجلس الوزراء رقم 29 والذي صدر بتاريخ 3-2-1431ه وقضى بان تتحمل الدولة تكاليف 50% من المستجدين المقبولين في الجامعات والكليات الأهلية، كان المحرك الحقيقي لتحقيق نقلة نوعية في التعليم العالي والأهلي ومؤسساته بما انعكس إيجاباً على جودته وقوة مخرجاته. لقد أتى هذا القرار من أجل دعم المؤسسات التعليمية الأهلية ليحدث تطوراً كبيراً في هذا القطاع، حيث كان العدد في السابق محدوداً يقتصر على فئات محددة من القادرين على تحمل التكلفة، ليمكن جميع فئات المجتمع من إلحاق أبنائهم وبناتهم بجامعات وكليات أهلية استطاعت أن تضع نفسها في مستوى يرقى إلى تطلعات الجميع، وذلك حسب الطاقة الاستيعابية وإمكانيات الجامعات والكليات الأهلية مراعية الجودة والاعتماد والتجهيزات، مما يسهم في تحفيز الجامعات والكليات على الارتقاء بمستوياتها لتستقطب أكبر عدد ممكن من الطلبة، بحيث تغطي التخصصات التي يحتاجها سوق العمل ومتطلبات التنمية، في حين أن القبول يقفل في بعض الجامعات الأهلية قبل الجامعات الحكومية، وهذا دليل على تميزها وعلى سمعتها الطيبة. وستشهد الأيام المقبلة إطلاق المرحلة الثامنة من برنامج المنح الذي استفاد من البرنامج حتى الآن 21.173 طالبا وطالبة، ليتيح مزيداً من الفرص للمستجدين أن ينهلوا من معينه في مختلف مناطق ومحافظات ومدن المملكة، لينضموا بذلك إلى أقرانهم من الطلبة الدارسين تحت مظلة هذا البرنامج الذي يبلغ حاليا 53.744 طالبا وطالبه يدرسون في 54 جامعة وكلية أهلية. وبالعودة إلى الوراء قليلا نتوقف عند الانطلاقة الأولى في العام 1427ه، كان عدد المنح 1600 منحة دراسية وقد تم ذلك من خلال 10 كليات، وبحلول العام التالي 1428ه بلغ عدد المنح 1530 منحة استفاد منها الطلاب المنتظمون والمستجدن وارتفع عدد الكليات إلى 11 كلية، وفي العام 1429ه بلغت المنح الدراسية الممنوحة للطلاب والطالبات 2200 منحة، توزعت بين 14 كلية، وبمجيء العام 1430ه كان عدد المنح قد وصل 3050 منحة دراسية نفذت من خلال 19 كلية، أما العام 1431ه فقد تحققت ولله الحمد قفزة كبيرة حينما بلغ عدد المنح الممنوحة للطلاب والطالبات على امتداد ربوع المملكة 7100 منحة دراسية، استفادت منها 33 كلية. ولضمان شفافية القبول للمنح الدراسية يتم تدقيق وثائق المتقدم من الطلاب والطالبات، والتحقق كذلك من رقم الهوية ومعرفة عما إذا كان الطالب مستجداً أو طالباً منتظماً، وتصنيف المؤهلات والتي تتراوح للمستجد بين مؤهل ثانوي، دبلوم صحي، بكالوريوس، لتطبيق الشروط الخاصة بكل مؤهل ومقارنة ذلك مع الشهادات السابقة، وينطبق ذات الأمر على الطالب المنتظم، حيث يتم تصنيف المؤهل، بكالوريوس، ماجستير. ومن ثم يتم رفع الوثائق الخاصة بالطلاب إلى الموقع الإلكتروني مباشرة. ويبقى دعم الحكومة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز «حفظه الله»، وسمو ولي عهده الأمين الحافز الأكبر لاستمرار برنامج المنح الدراسية الداخلية بالمملكة الذي يخدم شريحة عزيزة من أبنائنا وبناتنا الطلاب والطالبات في مختلف مناطق ومحافظات ومدن وقرى وهجر بلادنا العزيزة. ويعود تاريخ إنشاء التعليم العالي الأهلي في وزارة التعليم العالي إلى عام 1419ه، غير أن بدايتها الفعلية كانت بعد ذلك بعامين عند صدور اللوائح والأنظمة، ثم تطور الأمر تباعا من خلال اهتمام الدولة المستمر بهذا القطاع. ويمنح النظام للمؤسسة التعليمية لقب الجامعة بضوابط أبرزها أن تشتمل على ثلاث كليات على الأقل في مقر واحد، وأن يوجد نظام أساسي للجامعة، وأن تتوافر على المساحات المطلوبة بمعدل 40 ألف متر مربع لكل كلية حسب لوائح الكليات الأهلية. وقد بلغ عدد الجامعات الأهلية بفضل الله تعالى حتى الآن ثمان جامعات، فيما بلغ عدد الكليات 46 كلية في مختلف التخصصات التي تناسب الطلاب والطالبات، وترفد سوق العمل بالتخصصات التي تسد الحاجة، وتنسجم مع برامج التنمية، والخطط الإستراتيجية المطروحة، ويعتبر هذا إنجازا كبيرا، خاصة أن البداية كانت بجامعة واحدة وثلاث كليات فقط. وفي إطار الاهتمام بالمخرجات التعليمية استحدث التعليم العالي الأهلي بوزارة التعليم العالي سلسلة من البرامج التطويرية لرفع تأهيل حملة الدبلوم إلى البكالوريوس، وقد أسفرت هذه الجهود عن إصدار التعليم العالي الأهلي لضوابط وأنظمة لتنفيذ حزمة من برامج التجسير، المستهدف منها تمكين حملة الدبلوم من الحصول على درجة البكالوريوس في تخصصات يحتاجها سوق العمل. ونظراً للتوجهات لرفع الحد الأدنى للممارسين الصحيين «غير الأطباء» إلى درجة البكالوريوس خلال ثلاث سنوات ضمن خطتها لتطوير القطاع الصحي. وتبقى أبرز الأسباب التي أدت إلى نجاح التعليم العالي الأهلي بوزارة التعليم العالي هي التخطيط المشترك ويمثل العلاقة التكاملية بين وزارة التعليم العالي ممثلا بالتعليم العالي الأهلي ومؤسسات التعليم العالي الأهلية، والرقابة المشتركة من خلال تعزيز مفهوم الرقابة الذاتية داخل المؤسسات التعليمية، وتنفيذ برامج رقابة خارجية يشرف عليها التعليم العالي الأهلي، إلى جانب الجودة والاعتماد الأكاديمي انطلاقا من رؤيتها في العمل على خطين متوازنين من خلال التوسع الأفقي المتمثل في تشجيع الاستثمار في التعليم العالي، والتوسع الرأسي من خلال تطبيق معايير الجودة والاعتماد الأكاديمي في المؤسسات منذ التأسيس والنشأة وفق حزمة من المعايير، أهمها جودة التعليم، والتدريس، في دعم البنية التحتية للخدمات المساندة وخدمة المجتمع.