إن ما حصل في «قصر الحكم» يومي السبت والأحد الماضيين هو شاهد حي على صياغة لعهد سعودي جديد في ظل راعي الإصلاح الشامل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- الذي شرف الأمير سلمان بثقته الغالية واختاره ولياً للعهد، بعد رحيل أخيه الأمير نايف، رحمه الله، ولقد سجل «قصر الحكم» شهادة تفوق للقبول الاجتماعي لولي العهد، ولا شك أن سموه ومدينة الرياض رحلة عطاء ووفاء، عطاء مدينة ووفاء أمير عاشق لها، لقد كان الأمير سلمان بن عبدالعزيز وفياً للرياض القابعة في صحراء العز وكانت هي أيضاً معطاء به وله ولن أبالغ إذا قلت لقد نجح الأمير سلمان في جعل «الرياض» مجموعة رياض خضراء نضرة تنبض بالحياة بل لقد جعل منها -بفضل الله- مدينة ممطرة بالخير والنماء لساكنيها وزائريها رغم جفاف الصحراء المحيطة بها، وصنع منها قلعة شامخة رغم أعاصير الغدر، التي مرّ وأضرت ببعض مبانيها وساكنيها إلا شيء واحد لم تمسه تلك الأعاصير بأي أذى وهو حب أهالي الرياض لهذا الأمير العاشق لمدينتهم.. مَنْ أراد أنْ يعرف شيئا من عالم ولي العهد الشامل والواسع، فعليه أنْ يقلّب صفحات صحفنا المحلية ليقرأ شيئاً من ملامح خارطة سلمان، وسيجد هذا «الخبر» النافذة إلى ساحة مهمة في عالم ذلك الأمير الإداري الناجح بشهادة أقطاب الإدارة السعودية، إليكم عنوان الخبر: «الأمير سلمان يستهل عمله بالبت في قضايا المراجعين»، ويكفي هذا العنوان ليفتح لك نافذة «المراجعين»، نعم «المراجعين» في حياة الأمير، استقبالهم، ومجالسهم، وتعامله مع قضاياهم بل وطريقته في الجلوس إليهم وفنه الخاص في استعراض معاملاتهم، ومَنْ لا يعرف ذلك الفن فليراجع ما كتبه الراحل الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- عن ذلك الفن الاستعراضي الرائع لمعاملات المواطنين والذي يرتكز على بعض خصائص شخصية الأمير سلمان الإدارية، وحقيقة معرفته بنفوس المراجعين ودقة تشخيصه للقضية والحزم في اتخاذ القرار الصائب.. وهنا لست بحاجة إلى أن أشرح علاقة ولي العهد بالصحافة، فقد عرفتها ولمست شيئاً منها عبر الاستماع لحواراته المفتوحة مع الإعلاميين من خلال بعض الاحتفالات المؤسسية لصحافتنا المحلية، تلك الحوارات التي اختصرت المسافة بين السلطة والصحافة في بلادنا حتى أنه أطلق على نفسه في أحد حواراته المفتوحة مع رجال الإعلام السعوديين قائلاً: أنا «رئيس تحرير ناقد»، والكل يعرف قدرة الأمير على القراءة والمتابعة فكيف به ناقداً وفاحصاً في عالم الإعلام!!. كما أن علاقة سموه بالمثقفين وأهل الفكر وحملة القلم في بلادنا وخارجها تجاوز الصورة النمطية بين الأمير والمثقف لترسم فضاءت جميلة فكم مرة زار مريضهم وواسى مصابهم وشيع فقيدهم، إن الصحافة والثقافة ثنائية متلازمة في مدرسة ولي العهد الإدارية، فالصحافة مرآته والثقافة مشورته ومنبع آرائه وأفكاره التطويرية، أخيراً إن طقس «قصر الحكم» الذي شهد مبايعة ولي العهد، مؤشر صادق على بيئة إيجابية حملت تفاعلاً وقبولاً بين ولي الأمر والمواطنين في جو يندر تكراره، مما يجعلنا نفخر به وندرب أبناءنا وبناتنا على مهارة ممارسته والحفاظ عليه ليصبح علامة فارقة في مسيرتنا الوطنية. مساعد مدير مكتب التربية والتعليم في شمال الرياض [email protected]