في بداية هذه السطور نعزي أنفسنا شعباً وقيادة في وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية - رحمه الله -. يوم الأمس كان الخبر الأليم والمصاب الجلل في فقدان رمز من رموز وقيادات الدولة السعودية الحديثة الأمير الإنسان صاحب الصفات الحميدة صمام الأمان الذي افتدى وطنه وأمته بجهده وصحته ومثّل المملكة خير تمثيل، والذي بفضل الله ثم حكمته وحسن إدارته تجاوزت المملكة المخاطر ونجحت في التعامل مع الملفات الأمنية الأكثر تعقيداً. لقد ظل الأمير نايف شخصية قيادية فذة متعددة الجوانب، أمضى سنوات طويلة يخدم الوطن والمواطن، فقد اشتهر سموه ببعد النظر، والحنكة السياسية والأمنية والإدارية، والتواضع، فهو واسع الاطلاع، تمتع بشخصية قوية ونفوذ على المستوى المحلي والخارجي، وحظي سموه بحب واحترام الجميع على مستوى العائلة الكريمة، وعلى مستوى الشعب السعودي، والعالم العربي والإسلامي، والعالم أجمع.. كما عُرف عن سموه قربه من المواطنين في كل وقت وتفهمه والتماسه لحاجاتهم، وإنصاته لهم بكل رحابة صدر. إن الحديث عن «نايف الإنسان» يطول فقد عُرف عنه - يرحمه الله - حبه للخير في شتى المجالات واهتمامه بشكل شخصي في الإشراف المباشر على إغاثة الشعوب المنكوبة حيث لعب دوراً بارزاً في التخفيف عن إخواننا المنكوبين في الصومال والبوسنة والهرسك والمصابين في فلسطين ولبنان ومصابي «تسونامي» وباكستان وتبنّيه لرعاية الأيتام في العديد من دول العالم، كما حرص - يرحمه الله - على دعم العلم وأهله من الطلاب في المدارس والمعاهد والكليات والجامعات داخل المملكة وخارجها وعلى نفقة سموه الخاصة، وتبنى العديد من الكراسي العلمية في الجامعات المحلية والعالمية ومن أبرزها (جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنّة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة)، لحفظ السنّة النبوية وتشجيع الباحثين في دراستها وتأصيلها، واستخراج كنوزها ومكنوناتها، والتي بالرغم من قصر عمرها الزمني إلا أنها حققت إنجازات كبيرة. واهتم سموه بأمن ضيوف الرحمن من خلال ترؤسه لجنة الحج العليا وهي أعلى جهة تنفيذية تُعنى بأعمال الحج، مُعتبراً ذلك جزءاً مهماً من دور المملكة وعملها في خدمة الإسلام، وكان - يرحمه الله - لا يكتفي بالتقارير الدورية التي ترفع له عن سير التحضيرات لموسم الحج، إذ يحرص وبشكل سنوي للوقوف بنفسه ميدانياً على تلك الاستعدادات، والاطلاع على التفاصيل الدقيقة، حيث كان يقوم بجولة مطولة على كافة أصعدة المشاعر المقدسة، والاستماع للمختصين. وأولى - يرحمه الله - العنصر البشري اهتماماً كبيراً من خلال سعيه طوال فترة توليه لوزارة الداخلية إلى دعم وتطوير أعضائها بالعلم والمعرفة والارتقاء بأفراد الوزارة وإداراتها والحرص على تحديث خدماتها بالسبل والوسائل الحديثة حتى أصبحت الوزارة أحد الأجهزة التي يفخر بها أبناء الوطن، وشمل اهتمامه منسوبي الوزارة من مدنيين وعسكريين وبصفة خاصة ذوي الشهداء ومصابي الواجب، فلم يدخر وسعاً في تخفيف معاناتهم، ومواساتهم في مصابهم، ومداواة آلامهم. وفي هذا الإطار شمل اهتمامه توفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة لمنسوبي وزارة الداخلية وذويهم، وذلك منذ تأسيس مستشفى قوى الأمن في عام 1393ه (1972م) حيث حرص على دعم المستشفى بمشاريع جبارة مدعمة بأحدث التقنيات العلمية وأفضل الكفاءات المؤهلة والمتخصصة مما كان له بالغ الأثر في الرقي بمستوى الخدمات الصحية المقدمة وتحسين جودتها، كما دشن مؤخراً - يرحمه الله - العديد من مشاريع التوسعة ووضع حجر الأساس لمشاريع مستقبلية إضافة إلى توجيهه واعتماده تنفيذ عدد من المدن الطبية والمستشفيات في مختلف مناطق المملكة، كما كان - يرحمه الله - دائم المتابعة والتوجيه والحرص على توفير كافة الإمكانيات وتلمس احتياجات المرضى والمصابين. هذا قليل من كثير لمسيرة ثرية بإنجازات ومناقب فقيد الأمة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد وزير الداخلية، أسأل المولى عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته و إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ . * مدير عام برنامج مستشفى قوى الأمن