حتى الآن، لم ينجح كوفي عنان، المبعوث العربي - الأممي، في أن إقناع النظام السوري في دمشق بأن يستسيغ مضغ «عبقريته» التفاوضية مع الدجاج، ولن ينجح. سأل وزير خارجية خليجي عنان عما كان يُفكر فيه لدى خروجه من مكتب بشار الأسد في دمشق يوم 29 مايو الماضي، بعد مجزرة الحولة التي ذهب ضحيتها 1.8 مدنيين، بينهم 38 طفلاً ذبحهم الشبيحة بالسكاكين. كما سأله عما دار في ذهنه حين سمع بشار الأسد يتهم بارتكاب مجزرة الحولة، من أدمن على تسميتهم بإرهابيين من تنظيم «القاعدة». لم يسمع وزير الخارجية الخليجي من عنان أي ردّ، مع أنه يعرف أن مجزرتين مُروعتين ارتكبهما هذا النظام ضد أبناء سوريا، منذ بدء خطة عنان لوقف النار، التي أعلن - أخيراً - أن بنداً واحداً منها لم يُنفذ، ولن يُنفّذ. معلومات الأممالمتحدة، التي أعلن أمينها العام، لأول مرة، أن بشار الأسد لم يفقد شرعيته وحسب، بل فقد إنسانيته، تقول إن هاتين المجزرتين، الحولة والقبير، هما بداية بسيطة جداً لما خطط ويُخطط له هذا النظام، في الأيام المقبلة. وثمة تشابه بين المجزرتين، إذ نُفّذتا بعد قصف مدفعي كثيف استهدف المدنيين، تبعه دخول ميلشيات تابعة للنظام من القرى المحيطة بالقرى المُستهدفة، وارتكاب المجازر والاغتصاب الجنسي الوحشي للنساء والأطفال، مع بقر بطون الحبالى، ومن ثم خنقهن بالأيدي. يلفت برلماني أوروبي، يُتابع عن كثب ما يجري في سورية منذ 15 مارس العام الماضي، إلى أن الأنظار التي تُركّز على ما يحدث في المدن السورية البعيدة وقرى الأطراف، حجب الانتباه عن التدهور الذي طرأ على سيطرة النظام على العاصمة دمشق، المركز السياسي والاقتصادي للدولة، التي ظلت، إلى ما قبل الشهرين الماضيين، مُحصّنة وبعيدة عن احتجاجات الثوار. لقد بدت دمشق لنحو أكثر من سنة معقلاً للنظام في وجه الثورة السورية، وكان لاستقرار الأوضاع في العاصمة وغياب التظاهرات الحاشدة، ومواصلة الناس وتيرة حياتهم العادية، دور مهم في دعم الرواية الرسمية للنظام. إذ استفاد سكان العاصمة اقتصاديا، وقتذاك، على نقيض سكان الضواحي. لم تقف الطبقة الوسطى، أو ما يُمكن أن نسميه بالأكثرية الصامتة، ضد أزلام النظام، دفاعا عن مكاسبها الاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى خوفاً من أن يؤدي سقوط النظام إلى سيادة الفوضى والعنف. يتابع البرلماني الأوروبي تحليله، فيقول: في الشهرين الأخيرين تبدّلت هذه الأجواء، وباتت هذه الطبقة الوسطى مُقتنعة بأن النظام البائس يعمل، بأساليب مُمنهجة فيها من الوحشية الشرسة الحاقدة ما لم تعرفه البشرية في تاريخها الطويل، على شن حرب ضد المواطنين، فقط بهدف بقاء النظام. باحث يهودي، من أصل لبناني، يُدعى هارون شماس، يقول إن أبناء الأقليات في العالم العربي سيكونون، خلال السنوات القادمة، من حفّاري القبور، يتقنون استعمال القفازات البيضاء. النظام في دمشق ينكر كل ما يجري على الأرض السورية، مكتفياً بالقول إنه يُحارب تنظيم «القاعدة». تصوّروا أن يتم تركيب أسنان ذهبية للذئب! [email protected]