للهجرة تأثيرها، كما لها دوافعها.. الطيور تهاجر لكنها لا تغيب..! إلا إن حبسها أمر.. أو قضى عليها موت.. أو تلوّثت دروبها، وأمكنتها..! تعود في أسرابها كما تعود الموجة لشاطئها.. تعود محملة كما الموجة بجديد.. منعشة الروح، وإن كانت متعبة الأجنحة.. والإنسان يهاجر، ويفعل ما تفعله.. يعود بجديد.. أسراب المهاجرين من كل مخلوقات الله تعالى، سنة فطرية تنبئ بسيرورة الحياة.. وديمومة طبيعتها... لكن، انقرض الكثير، والعديد من الأنواع المهاجرة، طيور تحلّق، وتعشش، وتسبح، ودواب تتنقل، وتأوي، وأسماك ترحل، وتغوص.. وبشر يسافرون، ويؤوبون.. تلك سنة الموازنة لبيئة الحياة، وفطرتها.. لكن الهجرة النفسية، والفكرية التي يمارسها الإنسان.. كيف يتعامل معها هو ذاته، في ضوء بحثه، أو إثباته لهويته.....؟ ولأن موازنة الانتماء، ووثيقة التعريف، وسمة الوسم لا تتحقق جميعها إلا بعودة المهاجر لبيئته، ولحمته بمكانه، ومقدراته،... فإن العالم قد جعل لهجرة الطيور يوماً عالمياً، ولم ينس أن يشرك فيه معها البشر، إذ شعاره لهذا العام هو: «الطيور المهاجرة والبشر معاً عبر الزمان (وكما ورد في الأخبار عنه أنه سيكون يومي السبت والأحد 21 و22 من شهر جمادى الآخرة 1433ه الموافق 12 - 13 من شهر مايو 2012م» وتحت مظلة المعاهدة الدولية للحفاظ على الأنواع الفطرية المهاجرة C MS سيكون الحفاظ على الطيور المائية AEWA شعار هذا العام).. ولأن الطيور المهاجرة كما قال سمو رئيس الهيئة السعودية المشاركة في الاتفاقية والاحتفال: (تعتبر أحد المؤشرات البيئية الهامة التي تعكس صحة وسلامة الأنظمة البيئية حول العالم والتي تدل على تغيّر المناخ وتغيّر الفصول، كما تقوم بدور هام في السلاسل الغذائية وفي التوازن البيئي). فإنه يتضح من ذلك ما لهذا الاحتفاء بالهجرة من أهداف رئيسة وردت في نص الاتفاقية وهي: (التوعية بأهمية ودور الطيور في الأنظمة البيئية، ودعمها للخدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية التي يوفرها النظام البيئي للبشرية، والتأكيد على الروابط والعلاقة بين الطيور والبشر وتوازن البيئة - والعمل من أجل الحفاظ عليها لاستمرارها للأجيال الحاضرة والمقبلة)... الجزيرة عدد الأمس الخميس 10-5-2012 . فهل يكون هناك يوم لتوعية البشر بأن الهجرة المستديمة، فساد للبيئة.., وخلل في طبيعة توازن الأحياء,.. والحياة،.. وفطرة الكون..؟ فإن كانت هذه نتائج هجرة الأجسام.., فما تكون نتائج هجرة الوجدان.., والعقل في الإنسان..؟