يا لحزنك الجسور يا فاطمة.. يا لحزنك الهادر يا أم رغد... يا لحرفك الأمومي الحميم.. ووصفك الوجداني الموْجيْ.. تحدَّرت حروفُك للأعماق.. واستللتِ رمح الفقد فصوبتِه للقلوب.. هذه أنت في جمال الأمومة.. وهذه أنت في بهاء الإيمان.. وهذه أنت في شفيف الصبر.. وهذه أنت في إصباح المحبرة.. يا لحزنك الموقظ الشغاف.. المدرُّ الشهقات.. المرتجي رب السموات.. يا لك يا فاطمة من الأجر.. ويا لك برغد عنده من جميل الوعد.. من اختارك الله بالابتلاء رضا.. ومن خصك في صميمك امتحانا.. فتجلل الحزن فيك إجابة.. كنتِ بها حنين أمومةٍ ندياً.. وصبر أمَةٍ رضيةٍ رضياً.. رسمتِ بحروفك بدءَ ومضِ الوخزِ في رغد، حتى انطفاء وهجِه فيها انتهاءً... صغيرتك النديّة.. فلذتك الذكيّة.. نبضك الوارف.. روحك الوهّاجة.. يا لعظم ما قدمتيه عزيزتي لعزيز.. وامتثلت له بالرضاء، والوفاء، والدعاء... تصبِّرين الصابرين... أحاطكِ الله برحمته.. وجعل في يديك مفتاح باب الحمد بصبرك.. وكنف رغد الحبيبة في كنفه.. ومتّعها في حياض الجنة، تتلقّى آياته مع نبيِّنا إبراهيم خير متاع.. وشفعها فيك، وأبيها شفاعة قرّة عين.. تأخذكما للجنة جزاء.. يبدل عنده مرضها عافية، ويبلغك فيها جنة وافية.. يا فاطمة، لا تكفي كلماتي في أذنيك.. فقد فاض حزني بحزنك.. وتضاعف معك مذاق الفقد الذي لا يزال يرومني كلما طاف طيف «نوَارة» الذي لم يغادرني أبدا.. وإني لك داعية.. ولزوجكِ وأبنائك وأهليكما.. ولرغد راجية.. فمن دعوتُه قريب بوعده مجيب بوفائه.. ربي وربك يا غالية... فلينزل على صدرك سكينته.. وليملأ قلبك جبراً وافراً.. وليشملك وزوجك، وأبناءك بحفظه، ويخلف لكما الثواب الكبير.. والأجر العظيم... وإنّا لله كلنا عائدون..