شدد بحث علمي محكّم عن «أحكام تأديب الزوجة في الفقه الإسلامي» على أن ضرب الزوجة لغير سبب مشروع حرام ولو كان ضرباً غير مبرح؛ لأنه من الظلم والعدوان، وأن العنف الأسري ضد المرأة محرم بجميع صوره وأشكاله، وجريمة يُحاسب الإنسان عليها في الدنيا والآخرة، كاشفاً أن الإحصائيات الرسمية أثبتت ارتفاع نسبة العنف والاضطهاد للمرأة في الدول الغربية، المدعية للتحضُّر والتقدم، وهذا العنف أكثر بكثير مما هو عليه في بلاد المسلمين، وما ذلك إلا لاتباع المسلمين تعاليم دينهم وتمسكهم بشرعهم وآدابه وأحكامه. ودحض البحث الشُبه والافتراءات التي يثيرها أعداء الإسلام حول التأديب إنما هي من العداوة والبغضاء المتأصلة في نفوسهم، وما تخفي صدورهم أكبر، يقول عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}.. (118) سورة آل عمران ويقول عز وجل: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}.. (120) سورة البقرة وأكد البحث العلمي - الذي أعدّه الدكتور عبد الله بن سليمان العجلان الأستاذ في كلية الملك فهد الأمنية - أن تأديب الزوجة مشروع بالكتاب والسنّة بشروط معتبرة، وأن الراجح من أقوال العلماء جواز تأديب الزوجة إذا تركت فرائض الله - عز وجل - ؛ لأن ذلك من إنكار المنكر، مبيناً أن الأمر في قوله تعالى: {وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}.. (34) سورة النساء. أمر إباحة باتفاق الفقهاء - رحمهم الله تعالى -، وأن الزوج لا يُسأل جنائياً ولا مدنياً عن الضرر الناتج عن تأديبه لزوجته إلا إذا لم يتقيد بشروط التأديب. وأوضح البحث أن عناية الإسلام بالعلاقة الزوجية في حدودها التي لا يجوز تجاوزها وذلك بحدود الاستطاعة، ويُعذر الإنسان فيما لا يقدر القيام به، تحقيقاً لقوله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}.. (286) سورة البقرة وأن الإسلام كرّم المرأة أيما إكرام، وحفظ لها حقوقها، ورفع شأنها، ورفع عنها الضرر في حياتها الزوجية، وكفل لها الحرية المنضبطة بضوابط الشرع المطهر، وأن ضرب الزوجة في الإسلام لا يتجاوز كونه ظاهرة تأديبية تربوية محمية، بضوابط وقيود شرعية، وآداب وأخلاق سامية، فهو دواء لداء استعصى على الحلول التي سبقت، وهما: الوعظ، والهجر، كما إنه علاج لحالة شاذة، يوصف إلى جانب إجراءات تربوية تتمثّل في الصبر والتحمُّل واستعمال الحكمة والموعظة الحسنة، وأن ضرب الزوجة في الإسلام وسيلة لا غاية، وهو إعلام لا إيلام، وعلاج لا عقاب. وأوصى البحث ضمن النتائج التي توصل إليها بموضوع «تأديب الزوجة» بالعناية والاهتمام بهذا الموضوع عن طريق تعدد الأبحاث والدراسات فيه، وعقد المحاضرات والندوات التي تشخّص الداء وتصف الدواء، للحد من الخلافات الزوجية والعنف الأسري، مطالباً قيام وسائل الإعلام بدورها في التوعية الأسرية بإيجاد برامج مكثفة من خلال كافة وسائل الإعلام؛ لتعريف أفراد المجتمع بالعنف الأسري وآثاره السيئة على الفرد والمجتمع، إلى جانب تبصير الخاطبين بأحكام الزواج الشرعية وتوعيتهم بما يجب فيه من خلال دورات تثقيفية مركزة تتولى الجهات الرسمية المختصة الإشراف عليها، وذلك بعد مرحلة الاختيار وقبل إنشاء العقد، وذلك لما للتوعية والتثقيف من أهمية من انحسار ظاهرة العنف الأسري وتلافي وقوعه. وخلص البحث إلى التنبيه بأنه ينبغي أن يلاحظ الزوج الظروف التي تمر بها زوجته قبل أن يعدّ نفورها حالة نشوز، وقبل أن يشرع في مراحل الهجر والضرب المنضبط، فكثيراً ما يكون سبب الخصام تغييراً طارئاً في طبيعة الزوجة النفسية، تبعاً لما ينتابها من عوارض صحية ونظراً لأن تكوين المرأة يختلف عن الرجل سيكولوجياً وبيولوجياً، فهي تمر بظروف تؤثر في نفسيتها، وتعاملها مع الزوج وبخاصة في مرحلة الطمث والحمل والولادة، فينبغي للزوج أن يتفهم هذه الأمور ليستطيع التعامل الرفيق مع زوجته.