قبل نحو شهر واحد من توجه المصريين إلى صناديق الاقتراع لاختيار أول رئيس لهم بعد سقوط الرئيس السابق حسني مبارك العام الماضي، يقدم المرشح الرئاسي عبد المنعم أبوالفتوح نفسه باعتباره المرشح الوحيد القادر على جسر الفجوة بين الإسلاميين والعلمانيين في البلاد. ولكن السؤال هو هل فكرة الإجماع تبدو جذابة بما يكفي للتغلب على حالة الاستقطاب السياسي الحاد التي تعيشها مصر الآن؟ ِأبوالفتوح عضو سابق في جماعة الإخوان المسلمين وهي أكبر جماعة إسلامية في مصر ولكنه يخوض الانتخابات باعتباره إصلاحيا مستقلا. ورغم وجود عدد من المرشحين الذين لا يجعلون الدين عنصرا رئيسيا في حملاتهم الانتخابية إلا أنه من الواضح أن الحملة الانتخابية تبدو كأنها سباق بين مرشحين إسلاميين بشكل أساسي. ويأتي أبوالفتوح باعتباره الأكثر اعتدالاً بين المرشحين الإسلاميين. ولعل أكبر منافس لأبوالفتوح على أصوات الإسلاميين المعتدلين هو مرشح جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر الذي أثار ضجة كبيرة عندما نقضت جماعة الإخوان تعهداتها السابقة بعدم الدفع بمرشح لها في الانتخابات الرئاسية. المفارقة أنه تم فصل أبوالفتوح من الجماعة العام الماضي بعد عشرات السنين من العمل في صفوفها لأنه أراد خوض سباق الرئاسة ورفض الالتزام بقرار عدم خوضها. كما يخوض سباق الرئاسة بقوة عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق أمين عام جامعة الدول العربية السابق، ولكن علاقته بنظام الحكم السابق تجعله غير مقبول بالنسبة للكثير من المصريين. وحتى الآن على الأقل فإن استطلاعات الرأي تشير إلى تأخر أبوالفتوح في ترتيب المرشحين ولكن الرجل يراهن على نجاح تحالف مؤيديه الذي يضم الشباب الليبرالي والأقباط الذين يخشون من وصول متشدد إلى الرئاسة وكذلك الإسلاميين المختلفين مع جماعة الإخوان المسلمين في حشد الأصوات الكافية للفوز بالمنصب. ونظراً لأنه لا يريد إغضاب أي من عناصر هذا الطيف الواسع لمؤيديه فإن رسالة أبوالفتوح الانتخابية تركز على الموضوعات العامة بحيث يصعب أن يقدم برنامجا انتخابيا محدد الملامح. في مؤتمره الانتخابي الرئيس بحديقة الأزهر في القاهرة قال أبوالفتوح أمام حشد كبير من أنصاره إن «السيادة الحقيقية للشعب والمصريين هم السيد الحقيقي في هذه الأمة ولن يكون هناك سيدة أولى ولا سيد أول.. الشعب هو السادة فقط. وبغض النظر عن المعتقد أو النوع أو اللون أو الطبقة الاجتماعية فالجميع متساوون أمام القانون». ورغم أن البرنامج الانتخابي لأبوالفتوح يبدو غامضاً فإن المحللين يقولون إنه يمثل شيئاً مهماً في الوقت الذي تكافح فيه مصر للانتقال إلى الديمقراطية بعد عقود من الديكتاتورية. ومع سيطرة الإسلاميين على نحو ثلثي مقاعد البرلمان المنتخب حديثاً في مصر فإن الدين سيلعب دوراً رئيسياً في الشئون العامة المصرية. يقول أشرف الشريف المدرس المساعد في الجامعة الأمريكيةبالقاهرة والمتخصص في دراسة الحركات الإسلامية إن حملة عبدالمنعم أبوالفتوح يمكن أن تشكل على المدى الطويل نواة لحركة سياسية جديدة تمثل يمين الوسط. ويقول الليبراليون إن عبدالمنعم أبوالفتوح يقف على يسار جماعة الإخوان المسلمين اليمينية «فإذا كان ولابد أن يكون رئيس مصر القادم إسلامي فإن عبدالمنعم أبوالفتوح هو الأفضل فهو يستطيع أن يجمع بين الإصلاحيين الإسلاميين والعلمانيين المعتدلين والأقباط الذين يرونه أفضل الإسلاميين الأشرار». يقول أبوالفتوح إنه يؤمن بحق المرأة والأقباط في تولي كل المناصب الحكومية بما في ذلك منصب الرئيس وهو الموقف المرفوض من جانب جماعة الإخوان المسلمين. وفي حالة انتخابه رئيساً لمصر سوف يقترح أبوالفتوح قانونا جديدا يوحد قواعد بناء دور العبادة بدون قيود حكومية مبالغ فيها بحسب البهنساوي. لا يبدي حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين قلقا كبيرا من أن يكون أبوالفتوح تحديا كبيرا لمرشحه في انتخابات الرئاسة. فقد قدم خيرت الشاطر مرشح الحرية والعدالة أوراق ترشيحه في مظاهرة حاشدة من أعضاء جماعة الإخوان. يقول عمر دراج القيادي في حزب الحرية والعدالة إن أبوالفتوح إسلامي بالفعل لكنه يتبنى آراء أكثر ليبرالية مما يمكن لأي مرشح إسلامي آخر تبنيها. ويضيف أن «خيرت الشاطر يقف في الوسط بوضوح حيث يتبنى الآراء الإسلامية المعتدلة التي يتبناها أغلب المصريين». وخلال مؤتمر أبوالفتوح الأخير شمل الحضور الكثير من النساء والرجال. تقول منى حسام التي كانت تضع النقاب على وجهها إنها ربما تميل من الناحية الفكرية إلى المرشحين الأشد سلفية مثل حازم صلاح أبو إسماعيل ولكنها ترى أن وصول مثل هؤلاء المرشحين إلى الرئاسة يمكن أن يؤدي إلى كارثة في ظل حالة التوازن الطائفي الهش في مصر. * (واشنطن بوست) الأمريكية