ازدادت في الآونة الأخيرة طلبات العائلات السعودية على استقدام السائقين الأجانب؛ سواء كانوا من دول شرق آسيا أو من دولٍ عربية. ولو نظرنا لأغلبية تلك الطلبات التي تم تقديمها لمكاتب الاستقدام لوجدنا بأن البعض لم يستقدموا هؤلاء السائقين إلا من باب الترف والمظاهر فقط. أما البعض الآخر فلديهم ظروف قاسية تتطلب وجود هذا السائق حسب طلبهم. فمثلاً هناك عائلات لا يوجد لديهم رب أسرة يقوم بقضاء حوائجهم ومتطلباتهم ولا خيار أمامهم سوى هذا السائق. فرب الأسرة الذي توجد عليه التزامات كثيرة يريد من يعينه على حياته العائلية بإيصال زوجته إلى عملها أو أبنائه إلى مدارسهم، وذلك لأنشغاله في عمله وارتباطاته التي تحتم عليه أحياناً بالتواجد خارج المنزل والبركة بهذا السائق. وعندما يأتي ويباشر عمله الجديد لدى هذه العائلة يسلمه صاحب المنزل الخيط والمخيط فيصبح هذا السائق بمثابة رب هذه العائلة، بل أن أحد المعلمين روى لي قصة أحد تلاميذه في المدرسة عندما قال له المعلم يجب أن تحضر غداً ولي أمرك؛ لما لاحظ على التلميذ من تدني مستواه الدراسي، وفي اليوم التالي جاء التلميذ وبصحبته وافد من جنسية شرق آسيوية، وبادر بالسلام على المعلم وأفاده بأنه هو ولي أمره وأبوه دائماً في حالة سفر وهو (السائق) المسئول عن المنزل مسؤولية كاملة (مما أدى إلى إحراج الطالب أمام زملائه). فتعجب هذا المعلم من تصرف ولي أمر الطالب (الأب) وطلب رقم هاتفه الجوال من ابنه واتصل به وبسؤاله عن عدم حضوره للمدرسة، قال: أنا مشغول والسائق يحل محلي! ولقد رأيت بنفسي أثناء تواجدي بمطار الملك خالد بالرياض عائلة كانوا بوداع سائقهم؛ حيث يبدو على ملامحهم الحزن من فراق هذا السائق وعند توجهه لصالة المغادرة لوح بيده لهم وهم يبكون! إنني هنا أروي واقعة حقيقية، ولن أطيل عليكم بتعداد خطورة إهمال أولياء الأمور واعتمادهم على السائقين والخدم في خدمة أسرهم وأبنائهم بينما هم يغطون في نوم عميق.