أجمعت كثير من الدراسات والأبحاث على خطورة سرطان الثدي باعتباره أشد الأورام فتكاً بالمرأة والأكثر شيوعاً وإصابة في المملكة والعالم، بل وأكدت تلك الإحصاءات والأرقام على أهمية الكشف المبكر ودوره الفعال في علاج هذا المرض والذي يسهم في ارتفاع نسبة الشفاء ومعدل البقاء على قيد الحياة والتي قد تصل إلى أكثر من 98%. في هذا التحقيق سيرصد لنا استشاريو النساء والولادة وجراحة الأورام والأشعة التشخيصية وجراحو التجميل بمجموعة د. سليمان الحبيب أبعاد هذا المرض بداية من الكشف المبكر ودوره مروراً بطرق العلاج في حال الإصابة وانتهاءً بجراحات التجميل لإعادة بناء الصدر حيث التقينا كلاً من الدكتورة زاهية كمكم والدكتورة ساجيلا نورين والدكتورة عائشة الشيباني طبيبات النساء والولادة، كما التقينا بالدكتور أكرم اللوباني والدكتور حيان بسمار والدكتور محمد عاطف أطباء الجراحة العامة، وكذلك الدكتور منير عالم جراح التجميل، إضافة إلى استشاري الأشعة التشخيصية الدكتور موسى سعادة. حقائق هامة عن سرطان الثدي كشفت الإحصاءات والدراسات الصادرة عن السجل الوطني للأورام عام 2007 أن هناك 1259 حالة إصابة بسرطان الثدي من بين 4773 حالة أي ما يعادل 26% من إجمالي سرطان النساء، كذلك فقد كشفت إحصائية طبية حديثة أنه يتم تشخيص امرأة كل دقيقتين مصابة بالسرطان، وأن هناك حالة وفاة كل 13 دقيقة بسبب هذا المرض على مستوى العالم. كما بينت الإحصائية أن سرطان الثدي من أكثر أنواع الأورام شيوعا بين النساء، ونسبته بين النساء المصابات بأنواع السرطان الأخرى واحدة من ثلاث مصابات، وأن احتمال إصابة المرأة بالسرطان خلال حياتها يصل إلى واحدة من سبع نساء، واحتمالية الوفاة منه واحدة من 33 امرأة. الأورام غير مصحوبة بألم سرطان الثدي هو نمو غير منضبط وغير طبيعي مع تكاثر الخلايا غير المكتملة النمو في أنسجة الثدي مع انتشار تلك الخلايا عن طريق مجرى الدم أو الأوعية اللمفاوية. ومن غير المعروف ما هي الأسباب الحقيقية لهذا المرض فقد تكون التقدم بالسن أو الوراثة أو غيرها. وقد أكدت الدراسات العلمية أن نسبة التورمات السرطانية تقل في المرأة المتزوجة والتي سبق وقد أنجبت وأرضعت طفلها. وأيضا أثبتت الدراسات أن أغلبية الأورام السرطانية غير مصاحبة بألم لذا فأي تجمعات أو كتلة داخل أنسجة الصدر وتؤلم فهي في الغالب غير سرطانية، وسرطان الثدي يصيب أنسجة الثدي والتي تتكون من الغدد والقنوات الحليبية بالإضافة إلى الأنسجة الدهنية واللمفاوية ومنها الحميد وغير الحميد. مراحل متفاوتة يبدأ السرطان في الغدد أو القنوات الحليبية وإذا اكتشف المرض في هذه المرحلة يتم علاجه والشفاء منه تماماً ثم ينتقل من المرحلة الأولى إلى أجزاء الثدي المجاورة ثم إلى الغدد اللمفاوية ومن ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم مثل الرئتين والكبد والعظام، ويكون الورم في المرحلة الأولى حجمه أقل من 2 سم والمرحلة الثانية يتراوح فيها الورم مابين 2 إلى 5 سم مع وجود عقد ليمفاوية في الأبط بينما المرحلة الثالثة أكبر من 5 سم مع وجود تغيرات في جلد الثدي (سرطان متقدم موضعياً) أما المرحلة الرابعة تكون في حال انتشار الورم لأعضاء أخرى كالكبد والرئة. عوامل تزيد الإصابة السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الثدي لها غير معروف حتى الآن ولكن يمكن أن تتدخل عدة عوامل في ذلك ومنها العامل الوراثي والبيئي والغذائي والهرموني وهي تنتشر أكثر بين المجموعات الراقية والنساء اللاتي لم يتزوجن. وأهم عاملين للإصابة بسرطان الثدي العمر والجنس (ذكر أو أنثى) حيث يمكن أن يصاب الرجل بسرطان الثدي ولكن المرأة تزيد بنسبة 200 مرة بأن تكون مصابة بسرطان الثدي عن الرجل. كما أنها تزيد لدى النساء الآتي تجاوزت أعمارهن 50 سنة بنسبة 400 مرة عنه لدى النساء ذوي أعمار أقل من عشرين سنة ووجد أن % 75 من النساء اللواتي أصبن بسرطان الثدي لم يكون هنالك أي عامل مسبب غير زيادة العمر، كذلك فإن النساء اللواتي بدأن سن البلوغ والحيض قبل سن 12 سنة والنساء اللواتي تأخر سن اليأس لديهن لما بعد 55 سنه والنساء اللواتي حملن بعد سن 30 سنة يملكون نسبة أعلى من غيرهن من النساء للإصابة بسرطان الثدي وتقدر بضعفي الشخص الطبيعي. إنذارات أولية خطرة تكمن أهمية الكشف المبكر عن أورام الثدي لأنه لا توجد أي أعراض في البداية، ثم تبدأ متمثلة في وجود كتلة أو ورم في الثدي ويجب عدم الاستهانة بحجمها مهما صغر، انتفاخ في جزء من الثدي، تهيج جلد الثدي ، ألم بالحلمة أو رجوعها لداخل الثدي، احمرار وتقشر الحلمة أو الجلد، إفرازات من الحلمة وخاصة الإفرازات الدموية وكذلك تورم تحت الإبط الحمل والرضاعة الطبيعية وقد وجد الأطباء أن الحمل والرضاعة الطبيعية من ثدي الأم تقلل من نسبة إصابة هؤلاء النساء بسرطان الثدي، كما وجد أن هناك علاقة بين تناول النساء لحبوب منع الحمل وإصابتهن في وقت ما بسرطان الثدي وإن كانت هذه الحقيقة لم تؤكد بشكل كبير ولكن الأبحاث وجدت أن هناك زيادة في نسبة الإصابة بسرطان الثدي بين النساء الذين يتناولن حبوب منع الحمل. إجراء الماموجرام بشكل روتيني كما أكدت كثير من التوصيات الطبية فيما يتصل بمكافحة سرطان الثدي على ضرورة إجراء فحص الماموجرام بشكل روتيني للكشف المبكر وتجنب الكثير من المشكلات الناتجة عن الإصابة، والماموجرام هو فحص الثدي عن طريق الأشعة السينية ذات الطاقة المنخفضة للحصول على صورة في منتهى الدقة والوضوح لتشخيص أورام الثدي مهما صغر حجمها وتعتبر الطريقة المثالية لاكتشاف المرض قبل ظهور بوادره أو أعراضه بسنوات عديدة قد تصل إلى ثلاث سنوات وخاصة إذا أضيف فحص الموجات فوق الصوتية(التراساوند) لهذا الفحص علاوة على أن التصوير بالماوجرام آمن وليس له أي آثار ضارة، كما أنه أكثر الفحوصات حساسية ودقة لكشف السرطان مبكراً بسنوات عديدة قبل ظهور الأعراض. طرق تشخيصية ويمكن تشخيص أورام الثدي بعدة طرق تبدأ بأخذ التاريخ المرضي والسيرة الذاتية ثم الكشف السريري الذي يحدد به الطبيب الكتل الموجودة في الثدي ولمعرفتها من حيث الحجم والملمس وحركتها، وبالنسبة للأشعة فتتم حسب عمر المريضة، وإجراء أشعة Mammogram علي الثدي يُظهر الورم ككتلةٍ بيضاء غير محدودة المعالم أو كتكلسات دقيقة جداً أو كتوسع واضح في أحد الأنابيب الثديية وإذا ما ضم الفحص السريري و التحليل السايتولوجي إلى الأشعة الماموجرافية أصبح تشخيص سرطان الثدي دقيقاً جداً لا خلاف فيه. ال MRI لتحديد مراحل المرض أما فحص الرنين المغناطيسي للثدي فلا يستبدل كليا فحص الماموجرام أو الالتراساوند ولكنة ضروري جداً، حيث يساعد الأول بطريقة في غاية الدقة لاكتشاف المرض ثم تحديد مراحل سرطان الثدي مهما صغر حجمه وكذلك الأمراض الأخرى وتشخيص الثديين في آن واحد. كما أنه يعتبر الخيار المثالي عند النساء اللاتي تم إجراء عمليات تجميلية لهن بالصدر وتشمل هذه عمليات التصغير أو عمليات زراعة السليكون التجميلية. تقييم واضح ودقيق يعطي الرنين المغناطيسي تقييم واضح ودقيق للأمراض التي اكتشفها الماموجرام ويجرى الفحص من دون ألم وبدون تداخلات جراحية وبطريقة آمنه جداً، ويتميز بالقدرة على تشخيص الأورام السرطانية في مراحلها الأولى والمبكرة جداً والتي لم تكتشف بالطرق التشخيصية الأخرى مثل الماموجرام والموجات فوق الصوتية وبهذه الطريقة تصل نسبة الشفاء في هذه الحالة إلى 99%، وكذلك التفريق أو التميز الواضح بين رجوع المرض السرطاني والتليف في مكان الجراحة والتي تم بواسطتها استئصال ورم سرطاني ويمكن إجراء هذا الفحص للحامل. فحص خلايا الورم بالعينة الجراحية كما أن هناك فحصا يتم بواسطة الإبرة ويجرى هذا الفحص بواسطة إبرة دقيقة لإزالة جزء من النسيج المشتبه فيه أنه ورم ويتم إرسال هذا النسيج إلى المعمل لفحص الخلايا. وفي بعض الحالات قد تكون الحاجة لأخذ عينة جراحية, حيث يقوم الجراح باستئصال جزء أو كل الورم ويرسله إلى المعمل لفحص الخلايا و الأنسجة لتحديد نوع السرطان، هل هو في القنوات اللبنية أو الفصوص وهل هو منتشر في الأنسجة المجاورة أم لا. وهناك بعض الفحوصات الطبية التي تجرى على العظام والكبد والرئة لتبين مدى انتشار الورم. الاستئصال لم يعد هو القاعدة ننتقل لمرحلة العلاج في حالة لا قدر الله الإصابة إذ أن الخوف عند السيدات يكون عادة من التدخل الجراحي واستئصال الثدي وفقدان عضو هو عنوان الأنوثة عند المرأة، والحقيقة أن استئصال الثدي لم يعد هو القاعدة، والتقنيات الحديثة تعمل على استئصال الورم فقط لكن لكل حالة وضعها الخاص بها، وأهم ما في الأمر الاكتشاف المبكر لأن هذا يساعد على تجنب العمليات الكبيرة واستئصال الثدي. طريقة العلاج حسب الحالة حيث يعتمد العلاج أساساً على حجم ومكان الورم في الثدي وعلى نتائج الأبحاث المعملية ودرجة الورم نفسه وكذلك على سن السيدة وصحتها العامة وهل الغدد الليمفاوية تحت الإبط أصبحت محسوسة أم لا وكذلك على حجم الثدي ودرجة انتشار الورم. تدمير الخلايا السرطانية تتدرج وسائل المعالجة من العلاج موضعي ويشمل الجراحة والعلاج الإشعاعي، ويستعمل لإزالة وتدمير الخلايا السرطانية في منطقة محددة من الثدي. وهناك العلاج الشامل ويضم العلاج الكيمائي والعلاج الهرموني والمناعي والبيولوجي ويمكن أن تخضع السيدة لنوع واحد من العلاج أو لأكثر. معالجة المراحل المتقدمة من المرض وهناك ثلاث طرق جراحية للاستئصال أولاً الاستئصال الكامل للورم مع الاحتفاظ بالثدي، ثانياً استئصال الثدي المصاب كاملا ، ثالثاً استئصال كامل الثدي وتنظيف الإبط من كل الغدد اللمفاوية، كما أن استئصال الغدد اللمفاوية مهم جدا إذ يحدد ما إذا كانت المصابة ستحتاج إلى علاج إضافي كيماويا كان أو إشعاعي و خاصة إذا ما انتشر السرطان إليها. كما أن احتواء أكثر من 3 غدد لمفاوية لخلايا سرطانية عند تحليلها نسيجاً يعني وجوب العلاج الكيميائي والاحتمال الإشعاعي. وهنا ننصح بسرعة مراجعة الطبيب في حالة وجود كتلة ثديية في بدايتها، حيث إن التشخيص والعلاج المبكر يعطي فرصة عالية جداً لإزالة الورم قبل انتشاره وعدم الحاجة إلى إزالة الثدي بالكامل. فقدان رمز الأنوثة ننتقل هنا بالحديث على ما بعد العلاج فعادة ما تمر السيدة التي تم استئصال ثديها عادة بحالات نفسية وانفعالية متعددة. في البداية تشعر بالسعادة لأنها تجاوزت مرحلة الخطر باستئصال المرض ولا يشكل ذلك في المرحلة الأولى مشكلة نفسية لكن بعد الشفاء والعودة إلى حياتها الطبيعية تجد أنه من الصعب تقبل هذا الشكل والمقابل الذي دفعته نتيجة الإصابة والحرمان من هذا الجزء المهم من جسمها ومن الرمز الذي يشعرها بأنوثتها فتبدأ في البحث عن حل. تماثل الثديين والشعور بالثقة وهنا تكمن أهمية العمليات التجميلية إذ تحافظ عملية إعادة بناء الثدي على المظهر الأنثوي للمرأة من خلال التماثل بين الثديين مما يعيد الشعور بالثقة في النفس والإحساس بالأنوثة، وتصلح هذه العملية لأي امرأة تعرضت لتجربة استئصال الثدي في الماضي نتيجة لوجود تورمات وكذلك من تعاني من تورمات سرطانية بالصدر و تحتاج لاستئصالها سواء جزئيا أو كليا. طرق الإصلاح تتم تلك العملية على عدة مراحل الأولى: يتم فيها استئصال جزئي أو كلي للثدي لإزالة التورمات السرطانية. وتأتي مرحلة الإصلاح بعدة طرق منها: تمدد الجلد لزيادة المساحة وهي أحد أكثر الطرق شيوعا حيث يتم تمديد الجلد بمد أنسجة وهو عبارة عن بالونة من السيليكون تملأ بالهواء أو محلول معقم ثم يتم إزالتها ووضع حشوة صدر ثابتة من السيليكون. عودة لحالة الصدر الطبيعية وفى مرحلة أخرى يتم تكوين شكل الحلمة والهالة ليصبح الثدي طبيعيا بالشكل والملمس تتبعها عادة البناء باستخدام الشرائح الجلدية: وتعتمد هذه الطريقة على تعويض الجلد المزال باستخدام شرائح جلدية من مناطق أخرى مثل البطن أو الظهر وتستخدم تلك الشرائح بطريقتين: الأولى: بتحريك الشرائح الجلدية وتظل متصلة بالجسد وبالتالي لا تحتاج لوقت طويل لإجراء العملية. ويتم وضع حشو سيليكون إذا تم استخدام جلد الظهر لكونه رقيق ولا يكون الحجم الكافي للثدي أو يستخدم جلد البطن ودهون البطن وهنا تستفيد المريضة بعمل شد للبطن بجانب عملية تكون الصدر. طرق أخرى والثانية تتم بأخذ شريحة حرة ويتم توصيل الدورة الدموية لها باستخدام الجراحات الميكروسوبية أو المجهرية وتأخذ العملية وقت أطول ولكن يمكن استخدام شرائح من مناطق عدة مثل الفخذ أو المؤخرة أو البطن. وفي المرحلة الأخيرة من العملية يتم عمل تماثل بين الثديين بتكبير الثدي أو رفع أو تصغير الثدي الآخر. اختيار المتخصص أهم خطوة وهنا نؤكد أنه ونظرا لانتشار مراكز التجميل ودخول بعض الأطباء غير المتخصصين في ذلك المجال لذلك يتوجب على المريض أن يتوخى الحذر في اختيار الجراح المتخصص في ذلك المجال إذ أن العامل الأكثر أهمية هو أن تشعر أنك ستحصل على أفضل نتيجة بطريقة آمنة وصحيحة لهذه العمليات.