في كل منا هناك صندوق أسود داخل جسده يحتفظ بكل ذكرياته وآلامه ودموعه وأفراحه وأتراحه. هذا الصندوق يسجل فيه كل دمعة ذرفها منذ ولد إلى أن يموت، ويسجل كل ضحكاته، وأول حب وأول رعشة قلب، وأول خيبة أمل مرت به. كل ذكرياتنا ولعبنا وهمساتنا وتجاربنا... كل ذلك يُسجل في صندوقنا الأسود داخل جسدنا. وقد نعجز في تحديد مكان هذا الصندوق هل هو مختبئ في إحدى خلايا الدماغ؟؟ أم هو في غرفة من غرف القلب؟ (و للمعلومية أكتشف العلماء حديثاً أن القلب يفكر ويتذكر تماما مثل الدماغ) وهذا تصديقاً لقوله تعالى: لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا . وقوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا . قبل أن نحاسب كل مجرم وقبل أن نلوم أي شخص لا بد لنا من أن نفتش داخل صندوقه الأسود المختبئ داخل جسده لكي نفهم سبب تصرفاته التي قد تبدو غريبة. ولكي يفهم كل منا ذاته يجب أن يفتش داخل صندوقه الأسود وسنفاجأ بالأشياء المنسية التي لم نعد نذكرها، سنفاجأ بأشخاص سببوا لنا آلاماً وأحزاناً، وجرحوا طفولتنا وأشياء وأشياء قد تذهلنا. لكل من يريد أن يكتشف نفسه أقول له فتش في صندوقك الأسود.