في خضم الأحداث الدامية والمأساة الإنسانية التي يعيشها الشعب السوري منذ ما يقرب من عام جددت المملكة العربية السعودية الدعوة إلى مجلس الأمن الدولي لممارسة «دوره القانوني وتحمل مسؤولياته الأخلاقية من أجل وقف العنف في سوريا, والعمل على إيصال مواد الإغاثة إلى المدنيين المتضررين والمحاصرين». كذلك جدد الأمير سعود الفيصل مؤخراً، موقف المملكة الواضح والصريح، تجاه ما يحدث في الشقيقة سورياً من جرائم نظام وصل إلى مرحلة الجنون، وبات يمارس القتل لإرضاء شهيته الشيطانية، على حساب الشعب الأعزل. لقد بات واضحاً، أنه وكما قال الأمير سعود الفيصل، إن ممارسة الضغوط على النظام السوري لم تعد كافية وأنه لابد لهذا النظام أن يرحل إما طوعاً أو كرهاً.. وهو نفس الموقف الذي سبق أن أبداه خادم الحرمين الشريفين، للرئيس الروسي قبل أيام، حينما أدان بصرامة استخدام موسكو للفيتو لإحباط اتخاذ موقف دولي جاد تجاه نظام الأسد، وأكد أنه «لا حوار» طالما الدماء وصلت إلى هذا الحد الإجرامي الذي بات فيه نظام دمشق لا يعبأ بأي رأي، ويستهين بكل نصيحة، ويستحل قتل شعبه على مرأى ومسمع من العالم دون أي إحساس بتأنيب ضمير أو شعور أخلاقي على الأقل بفداحة الجريمة. إن كل هذه المواقف التاريخية المشرفة ليست غريبة على المملكة وقيادتها الحكيمة، فالمملكة كعادتها هي الحاضنة الكبرى لإخوانهم العرب، وإن الشعب السوري الآن يقود معركة الأمة ضد الفرس الصفويين الذين يريدون هدم كل ما هو عربي ومسلم فأطماعهم التاريخية واضحة للعيان، فالشعب السوري لا يواجه فقط النظام والجيش السوري، بل يواجه الباسيج الإيراني وحزب الله اللبناني ومقتدى الصدر والمالكي في العراق كل هؤلاء للأسف يدعمون بشار الأسد ونظامه، فإذا انهزمت الثورة السورية سيكون على الأمة السلام وهذا مستبعد -بإذن الله تعالى- لأن حركة التاريخ تقول بأن الشعوب هي المنتصرة في النهاية، ونحن نرى في جرأة وشجاعة خادم الحرمين الشريفين هي البلسم الذي يشفي صدور السوريين الذين يواجهون أشرس قوة تستخدم كافة أسلحة القتل والدمار، لذا نأمل ونرجو من خادم الحرمين الشريفين تقديم الدعم الإغاثي لأهالينا في الداخل لأن وضعهم مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة وخصوصاً في حمص وحماة وأدلب ومخيمات اللاجئين في تركيا والأردن ولبنان.لقد حققت الثورة السورية منذ بدايتها وإلى الآن وهي تقترب من مرور ذكرى عام عليها الكثير، فالآن 6414 نقطة تحرك في كافة مدن وقرى ومحافظات سوريا وتم الاعتراف بهذه الثورة في كثير من دول العالم، وتم إنشاء جيش سوريا الحر والمجلس الوطني، لكن ورغم أن تلك الثورة بدأت سلمية إلا أن النظام أوغل في القتل الوحشي الممنهج وهتك الأعراض واغتصاب الفتيات والنساء وتدمير المنازل، فلم يعد بد من تسليح الثوار للدفاع عن أنفسهم وأهليهم، لذا فهناك توجه كبير في المعارضة لتسليح الجيش الحر لحماية المدنيين، خاصة بعد أن فشل المجتمع الدولي في تحقيق مطالبنا وهي إيجاد مناطق عازلة ومناطق آمنة لحماية المدنيين من قتل وبطش النظام.إننا ضحية تناقضات دولية معقدة، إخواننا وأهالينا في الداخل يقتلون بسلاح روسي مدفوع الثمن من إيران، ولكننا ورغم كل ذلك نستمد العون أولا من رب العزة ومن صمود شعبنا الصامد الصابر المحتسب ومن المواقف الشجاعة للقيادة في المملكة وغيرها من الدول الأخرى، ونحن متأكدين أن النصر حليفنا وهو آت قريباً بإذن الله تعالى، لذا نقول للأسد ونظامه اسمعوا واستجيبوا لصوت العقل والحكمة، وتدبروا نداءات خادم الحرمين الشريفين منذ أن بدأت واشتدت الأزمة وتمادى النظام السوري وجيشه في القتل الوحشي والتدمير والتشريد للشعب السوري الأعزل، فالفرصة مازالتأمامكم سانحة قبل فوات الأوان، وادعوهم أن يقرأوا التاريخ القديم والحديث جيدا، وأن يستفيدوا من دروسه وعبره، ولكنهم إذا استمروا وتمادوا في إجرامهم سيدفعون الثمن غالياً وسيندمون كثيراً يوم لا ينفع الندم. محامي - عضو المجلس الوطني السوري المعارض