تقتحم الكاتبة والروائية سمر المقرن، الربيع العربي، في كتاب -سياسي اجتماعي- بعنوان: «ثورة الشعب وثورة الطائفة.. سوريا والبحرين»، ترفض الكاتبة في أولى صفحات الكتاب أن تكتب إهداء، إذ تقول في الصفحة الأولى: «الحرية والكرامة والعدل وأيضا الحقيقة.. حقوق لا تحتاج لإهداء».. وتسرد المقرن في الكتاب الصادر عن دار الكفاح، وفي 110 صفحة من القطع الكبير، حكاية قائلة.. «التنوع الثقافي هو ما يميز هذه المملكة العريقة، التي عرفها العالم العربي بل وحتى الغربي برمته أنها مركزٌ خليجي وعربي للسجال السياسي والثقافي، والانفتاح الحقوقي الذي عرفه أهل هذه البلاد باكراً، فلم يكن أمراً طارئاً أو حديثاً. الشعب البحريني بكل فئاته مثقف سياسيًّا؛ إذ إن الديمقراطية لديهم لم تهتم بالجمعيات والأحزاب السياسية والصحافة المعارضة فحسب، بل إنها دخلت إلى عمق الإنسان الذي تمكن من ممارسة التعددية بنجاح، فظهرت حرية التعبير المسؤولة كتيمة تشكل من خلالها الإنسان البحريني الذي تجده يحترم النظام والقانون وحقوق الإنسان. ورغم أنه كمجتمع تتضح فيه التعددية إلا أن مخاطر الانقسام لم تكن أبداً حاضرة داخل هذا المجتمع قبل أحداث 14 فبراير 2011م». وترفض المقرن تسمية الأحداث التي حصلت في البحرين (ثورة) معللة ذلك بتأكيدها أن فئة استغلت الوضع الانفتاحي في مملكة البحرين لتبيع أرضها وعروبتها بأبخس الأثمان، لينفرط العقد وتُدنس أراضينا بأقدام الفرس الذين استغلوا مطالب العامة البسطاء، وحاجاتهم، لتكون قناة عبور إلى خليجنا العربي. وتكمل في الكتاب القول: « لم أكن في يوم من الأيام أعيش داخل أي مفهوم طائفي، ولم أتعامل مع أي إنسان لا على أساس ديني ولا عرقي ولا طائفي، في حقيقة الأمر كنت وما زلت مهمومة بفكرة التقارب، فجميعنا أبناء وطن واحد لا يحتمل أي صراعات بل هو بحاجة لنا جميعاً، أن نبنيه جميعاً وننهض به دون تفرقة». ومن البحرين إلى سوريا، حيث تقول المقرن في كتابها: «كلما تذكرت سوريا.. قفزت إلى مخيلتي صورة نواعير حماة، ذكرتني تلك النواعير التي تعود إلى أزمان سحيقة, بإنسان سوريا هذه الأيام». وتضيف: «لأنني ممن يحبون الحياة كتبت الكثير عن الحالة السورية منذ اشتعال فتيل الثورة, ولأنني ممن يكرهون الظلم أكتب هذه السطور, فما مرت به سوريا أعتقد أنه سيصنف مع دمار هولاكو وظلم فرعون إن لم يكن أشد, ما مرت به سوريا لم يمر ربما في التاريخ الحديث مثله من تفنن في وسائل القتل والتعذيب, لأن هناك شعباً أراد الحياة وأراد الحرية وقال للظلم: لا». وبعد أن توثق المقرن أبرز الأحداث في البحرين وسوريا باليوم والتاريخ، تقول: «أردت أن يكون هذا الكتاب الذي ينقسم إلى فصلين، الأول: البحرين. والثاني: سوريا. لتوثيق مرحلة تاريخية مهمة من داخل ثورتين، الأولى هي ثورة الطائفة، وانتهت ولم تكسب أي تعاطف دولي لأنها قامت على باطل. أما الثانية فهي ثورة الشعب، ثورة الإنسان، ثورة الكرامة، التي كسرت حاجز الخوف والرعب الذي نما في نفوس السوريين على مدى أربعة عقود، حتى الآن ما زالت هذه الثورة قائمة لأنها واقفة على أرضية الحق، ولن تقف إلا بسقوط بشار الأسد وزمرته». وتوضح: «في هذا الكتاب أربعة وثلاثون مقالاً كتبتها في أقل من عام، خلال الفترة ما بين شهر مارس من العام 2011م، لغاية فبراير 2012م. جميعها نشرت في ثلاث زوايا أسبوعية في كل من: صحيفة الجزيرة السعودية، وصحيفة العرب القطرية، وصحيفة البلاد البحرنية. في محاولة مني للتعبير عن الواقع، ورصد الأحداث بتواريخها وتوثيقها، مع بعض الاجتهادات التي جاءت بعد معايشة وحوارات ونقاشات، وأحداث مرت على مرأى العين، وما هدفي إلا التقريب والتعايش الذي سعيت له من خلال عملي الإعلامي لأكثر من اثني عشر عاماً، والتقارب لن يتم إلا بالمصارحة وتوضيح الموقف جليّاً كما هو، فالتقارب المذهبي لأبناء الوطن الواحد هو ضرورة تحتمها المواطنة، وإن كانت أحداث الرابع عشر من فبراير التي حدثت في البحرين، وما تلاها من أحداث في محافظة القطيف وتحديداً في منطقة العوامية، قد أحدثت فجوة طائفية بعد جهود لسنوات طويلة، سواء كانت هذه الجهود على الصعيد الحكومي، أو الفردي، للتقارب الطائفي والتنسيق الفكري. من أجل الحالة الوطنية التي تريد أبناء الوطن بكل طوائفه وتياراته في صف الصعود نحو البناء والتنمية، وتجاهل المعيقات التي لا يراد منها إلا شحن النفوس وتصنيفها وفقاً لتقسيمات لا يقبل بها أبناء الوطن الواحد، الذين عاشوا داخل نسق اجتماعي إنساني واحد». وتختم المقرن مؤكدة أن هذه المقالات، هي عبارة عن مكاشفات، من أجل تشريح ما يدور من حولنا من أحداث كلها تشترك في محور واحد هو: إيران.